الأخرى من ادعى أبا في الاسلام غير أبيه يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام) أما الرواية الأولى فقد تقدم شرحها في الباب الذي قبل هذا وأما قوله صلى الله عليه وسلم فالجنة عليه حرام ففيه التأويلان اللذان قدمناهما في نظائره أحدهما محمول على من فعله مستحلا له والثاني أن جزاءه أنها محرمة عليه أولا عند دخول الفائزين وأهل السلامة ثم إنه قد يجازى فيمنعها عند دخولهم ثم يدخلها بعد ذلك وقد لا يجازى بل يعفو الله سبحانه وتعالى عنه ومعنى حرام ممنوعة ويقال رغب عن أبيه أي ترك الانتساب إليه وجحده يقال رغبت عن الشئ تركته وكرهته ورغبت فيه اخترته وطلبته وأما قول أبى عثمان لما ادعى زياد لقيت أبا بكرة فقلت له ما هذا الذي صنعتم انى سمعت سعد بن أبي وقاص يقول سمع أذناي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول من ادعى أبا في الاسلام غير أبيه فالجنة عليه حرام فقال أبو بكرة أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فمعنى هذا الكلام الانكار على أبى بكرة وذلك أن زيادا هذا المذكور هو المعروف بزياد بن أبي سفيان ويقال فيه زياد بن أبيه ويقال زياد بن أمه وهو أخو أبى بكرة لأمه وكان يعرف بزياد بن عبيد الثقفي ثم ادعاه معاوية بن أبي سفيان وألحقه بأبيه أبي سفيان وصار من جملة أصحابه بعد أن كان من أصحاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه فلهذا قال أبو عثمان لأبى بكرة ما هذا الذي صنعتم وكان أبو بكرة رضي الله عنه ممن أنكر ذلك وهجر بسببه زيادا وحلف أن لا يكلمه أبدا ولعل أبا عثمان لم يبلغه انكار أبى بكرة حين قال له هذا الكلام أو يكون مراده بقوله ما هذا الذي صنعتم أي ما هذا الذي جرى من أخيك ما أقبحه وأعظم عقوبته فان النبي صلى الله عليه وسلم حرم على فاعله الجنة وقوله ادعى ضبطناه بضم الدال وكسر العين مبنى لما لم يسم فاعله أي ادعاه معاوية ووجد بخط الحافظ أبى عامر العبدري ادعى بفتح الدال والعين على أن زيادا
(٥٢)