شرح مسلم - النووي - ج ٢ - الصفحة ٥٠
في تأويل الحديث أوجه أحدهما أنه محمول على المستحل لذلك وهذا يكفر فعلى هذا معنى باء بها أي بكلمة الكفر وكذا حار عليه وهو معنى رجعت عليه أي رجع عليه الكفر فباء وحار ورجع بمعنى واحد والوجه الثاني معناه رجعت عليه نقيصته لأخيه ومعصية تكفيره والثالث أنه محمول على الخوارج المكفرين للمؤمنين وهذا الوجه نقله القاضي عياض رحمه الله عن الامام مالك بن أنس وهو ضعيف لان المذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون والمحققون أن الخوارج لا يكفرون كسائر أهل البدع والوجه الرابع معناه أن ذلك يؤول به إلى الكفر وذلك أن المعاصي كما قالوا بريد الكفر ويخاف على المكثر منها أن يكون عاقبة شؤمها المصير إلى الكفر ويؤيد هذا الوجه ما جاء في رواية لأبى عوانة الأسفرايني في كتابه المخرج على صحيح مسلم فإن كان كما قال والا فقد باء بالكفر وفى رواية إذا قال لأخيه يا كافر وجب الكفر على أحدهما والوجه الخامس معناه فقد رجع عليه تكفيره فليس الراجع حقيقة الكفر بل التكفير لكونه جعل أخاه المؤمن كافرا فكأنه كفر نفسه اما لأنه كفر من هو مثله واما لأنه كفر من لا يكفره الا كافر يعتقد بطلان دين الاسلام والله أعلم وأما قوله صلى الله عليه وسلم فيمن ادعى لغير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه كفر فقيل فيه تأويلان أحدهما أنه في حق المستحل والثاني أنه كفر النعمة والاحسان وحق الله تعالى وحق أبيه وليس المراد الكفر الذي يخرجه من ملة الاسلام وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم بكفرن ثم فسره بكفرانهن الاحسان وكفران العشير ومعنى ادعى لغير أبيه أي انتسب إليه واتخذه أبا وقوله صلى الله عليه وسلم وهو يعلم تقييد لابد منه فان الاثم إنما يكون في حق العالم بالشئ وأما قوله صلى الله عليه وسلم ومن ادعى ما ليس له فليس منا فقال العلماء معناه ليس على هدينا وجميل طريقتنا كما يقول الرجل لابنه لست منى وقوله صلى الله عليه وسلم فليتبوأ مقعده من النار قد قدمنا في أول المقدمة بيانه وأن معناه فلينزل منزله منها أو فليتخذ منزلا بها وأنه دعاء أو خبر بلفظ الأمر وهو أظهر القولين ومعناه هذا جزاؤه فقد يجازى وقد يعفى عنه وقد يوفق للتوبة فيسقط عنه ذلك وفى هذا الحديث تحريم دعوى ما ليس له في كل شئ سواء تعلق به حق لغيره أم لا وفيه أنه لا يحل له أن يأخذ ما حكم له به الحاكم إذا كان لا يستحقه والله تعالى أعلم وأما قوله صلى الله عليه وسلم ومن دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك الا حار
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الدليل على أن من رضي بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا فهو مؤمن وان ارتكب المعاصي الكبائر 2
2 باب بيان عدد شعب الايمان وأفضلها وأدناها وفضيلة الحياء و كونه من الايمان 3
3 باب جامع أوصاف الاسلام 8
4 باب بيان تفاضل الاسلام وأي أموره أفضل 9
5 باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الايمان 13
6 باب وجوب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من الاهل 15
7 باب الدليل على أن من خصال الايمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه 16
8 باب بيان تحريم ايذاء الجار 17
9 باب الحث على اكرام الجار والضيف ولزوم الصمت إلا عن الخير 18
10 باب بيان كون النهي عن المنكر من الايمان وأن الايمان يزيد وينقص 21
11 باب تفاضل أهل الايمان فيه ورجحان أهل اليمن فيه 29
12 باب بيان أنه لا يدخل الجنة لا المؤمنون 35
13 باب بيان أن الدين النصيحة 37
14 باب بيان نقصان الايمان بالمعاصي 41
15 باب بيان خصال المنافق 46
16 باب بيان حال ايمان من قال لأخيه المسلم يا كافر 49
17 باب بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق وقتاله كفر 53
18 باب اطلاق اسم الكفر على الطعن في النسب والنياحة 57
19 باب تسمية العبد الآبق كافرا 57
20 باب بيان كفر من قال مطرنا بالنوء 59
21 باب الدليل على أن حب الأنصار وعلي رضي الله عنهم من الايمان 63
22 باب بيان نقصان الايمان بنقص الطاعات 65
23 باب بيان اطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة 69
24 باب بيان كون الايمان بالله تعالى أفضل الأعمال 72
25 باب بيان كون الشرك أقبح الذنوب وبيان أعظمها بعده 79
26 باب الكبائر وأكبرها 81
27 باب تحريم الكبر وبيانه 89
28 باب الدليل على أن من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة 92
29 باب تحريم قتل الكافر بعد قوله لا اله الا الله 98
30 باب قول النبي صلى الله عليه وسلم من حمل عينا السلاح فليسر منا 107
31 باب قول النبي صلى الله عليه وسلم من غشنا فليس منا 108
32 باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية 109
33 باب بيان غلظ تحريم النميمة 112
34 باب بيان غلظ تحريم اسبال الازار والمن بالعطية 114
35 باب بيان غلظ تحريم الغلول وأنه لا يدخل الجنة الا المؤمنون 127
36 باب الدليل على أن قاتل نفسه لا يكفر 130
37 باب في الريح التي تكون قرب القيامة 132
38 باب الحث على المبادرة بالاعمال ومخافة المؤمن أن يحبط عمله 133
39 باب هل يؤاخذ بأعمال الجاهلية 135
40 باب كون الاسلام يهدم ما قبله وكذا الحج والهجرة 136
41 باب بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم بعده 140
42 باب صدق الايمان و اخلاصه 143
43 باب بيان تجاوز الله تعالى عن حديث النفس 144
44 باب بيان الوسوسة في الايمان وما يقوله من وجدها 153
45 باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار 157
46 باب الدليل على أن من قصد أخذ مال غيره بغير حق كان مهدر الدم 163
47 باب استحقاق الوالي الغاش لرعيته النار 165
48 باب رفع الأمانة والايمان من بعض القلوب 167
49 باب بيان أن الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا 175
50 باب ذهاب الايمان آخر الزمان 178
51 باب تألف قلب من يخاف على ايمانه لضعفه 180
52 باب وجوب الايمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم 182
53 باب بيان نزول عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم حاكما 189
54 باب بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الايمان 194
55 باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 197
56 الاسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم وفرض الصلوات 209
57 باب ذكر المسيح ابن مريم عليه السلام والمسيح الدجال 223