شرح مسلم - النووي - ج ٢ - الصفحة ١٢٦
بهذا لهذا ضعيف وأما قوله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين بملة غير الاسلام كاذبا فهو كما قال وفى الرواية الأخرى كاذبا متعمدا ففيه بيان لغلظ تحريم هذا الحلف وقوله صلى الله عليه وسلم كاذبا ليس المراد به التقييد والاحتراز من الحلف بها صادقا لأنه لا ينفك الحالف بها عن كونه كاذبا وذلك لأنه لا بد أن يكون معظما لما حلف به فإن كان معتقدا عظمته بقلبه فهو كاذب في ذلك وإن كان غير معتقد ذلك بقلبه فهو كاذب في الصورة لكونه عظمه بالحلف به وإذا علم أنه لا ينفك عن كونه كاذبا حمل التقييد بكاذبا على أنه بيان لصورة الحالف ويكون التقييد خرج على سبب فلا يكون له مفهوم ويكون من باب قول الله تعالى الأنبياء بغير حق وقوله تعالى تقتلوا أولادكم من املاق وقوله تعالى اللاتي في حجوركم وقوله تعالى فإن خفتم الا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به وقوله تعالى عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ان خفتم وقوله تعالى تكرهوا فتياتكم على البغاء ان أردن تحصنا ونظائره كثيرة ثم إن كان الحالف به معظما لما حلف به مجلاله كان كافرا وان لم يكن معظما بل كان قلبه مطمئنا بالإيمان فهو كاذب في حلفه بما لا يحلف به ومعاملته إياه معاملة ما يحلف به ولا يكون كافرا خارجا عن ملة الاسلام ويجوز أن يطلق عليه اسم الكفر ويراد به كفر الاحسان وكفر نعمة الله تعالى فإنها تقتضي ان لا يحلف هذا الحلف القبيح وقد قال الإمام أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك رضي الله عنه فيما ورد من مثل هذا مما ظاهره تكفير أصحاب المعاصي ان ذلك على جهة التغليظ والزجر عنه وهذا معنى مليح ولكن ينبغي أن يضم إليه ما ذكرناه من كونه كافر النعم وأما قوله صلى الله عليه وسلم من ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها لم يزده الله الا قلة فقال القاضي عياض هو عام في كل دعوى يتشبع بها المرء بما لم يعط من مال يختال في التجمل به من غيره أو نسب ينتمي إليه أو علم يتحلى به وليس هو من حملته أو دين يظهره وليس هو من أهله فقد أعلم صلى الله عليه وسلم أنه غير مبارك له في دعواه ولا زاك ما اكتسبه بها ومثله الحديث الآخر اليمين الفاجرة منفقة للسلعة ممحقة للكسب وأما قوله صلى الله عليه وسلم أن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار وأن الرجل ليعمل عمل أهل النار وهو من أهل الجنة ففيه التحذير من الاغترار بالاعمال وأنه ينبغي للعبد أن لا يتكل عليها ولا يركن إليها مخافة من انقلاب الحال للقدر السابق وكذا ينبغي للعاصي أن لا يقنط ولغيره
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الدليل على أن من رضي بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا فهو مؤمن وان ارتكب المعاصي الكبائر 2
2 باب بيان عدد شعب الايمان وأفضلها وأدناها وفضيلة الحياء و كونه من الايمان 3
3 باب جامع أوصاف الاسلام 8
4 باب بيان تفاضل الاسلام وأي أموره أفضل 9
5 باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الايمان 13
6 باب وجوب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من الاهل 15
7 باب الدليل على أن من خصال الايمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه 16
8 باب بيان تحريم ايذاء الجار 17
9 باب الحث على اكرام الجار والضيف ولزوم الصمت إلا عن الخير 18
10 باب بيان كون النهي عن المنكر من الايمان وأن الايمان يزيد وينقص 21
11 باب تفاضل أهل الايمان فيه ورجحان أهل اليمن فيه 29
12 باب بيان أنه لا يدخل الجنة لا المؤمنون 35
13 باب بيان أن الدين النصيحة 37
14 باب بيان نقصان الايمان بالمعاصي 41
15 باب بيان خصال المنافق 46
16 باب بيان حال ايمان من قال لأخيه المسلم يا كافر 49
17 باب بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق وقتاله كفر 53
18 باب اطلاق اسم الكفر على الطعن في النسب والنياحة 57
19 باب تسمية العبد الآبق كافرا 57
20 باب بيان كفر من قال مطرنا بالنوء 59
21 باب الدليل على أن حب الأنصار وعلي رضي الله عنهم من الايمان 63
22 باب بيان نقصان الايمان بنقص الطاعات 65
23 باب بيان اطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة 69
24 باب بيان كون الايمان بالله تعالى أفضل الأعمال 72
25 باب بيان كون الشرك أقبح الذنوب وبيان أعظمها بعده 79
26 باب الكبائر وأكبرها 81
27 باب تحريم الكبر وبيانه 89
28 باب الدليل على أن من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة 92
29 باب تحريم قتل الكافر بعد قوله لا اله الا الله 98
30 باب قول النبي صلى الله عليه وسلم من حمل عينا السلاح فليسر منا 107
31 باب قول النبي صلى الله عليه وسلم من غشنا فليس منا 108
32 باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية 109
33 باب بيان غلظ تحريم النميمة 112
34 باب بيان غلظ تحريم اسبال الازار والمن بالعطية 114
35 باب بيان غلظ تحريم الغلول وأنه لا يدخل الجنة الا المؤمنون 127
36 باب الدليل على أن قاتل نفسه لا يكفر 130
37 باب في الريح التي تكون قرب القيامة 132
38 باب الحث على المبادرة بالاعمال ومخافة المؤمن أن يحبط عمله 133
39 باب هل يؤاخذ بأعمال الجاهلية 135
40 باب كون الاسلام يهدم ما قبله وكذا الحج والهجرة 136
41 باب بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم بعده 140
42 باب صدق الايمان و اخلاصه 143
43 باب بيان تجاوز الله تعالى عن حديث النفس 144
44 باب بيان الوسوسة في الايمان وما يقوله من وجدها 153
45 باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار 157
46 باب الدليل على أن من قصد أخذ مال غيره بغير حق كان مهدر الدم 163
47 باب استحقاق الوالي الغاش لرعيته النار 165
48 باب رفع الأمانة والايمان من بعض القلوب 167
49 باب بيان أن الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا 175
50 باب ذهاب الايمان آخر الزمان 178
51 باب تألف قلب من يخاف على ايمانه لضعفه 180
52 باب وجوب الايمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم 182
53 باب بيان نزول عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم حاكما 189
54 باب بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الايمان 194
55 باب بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 197
56 الاسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم وفرض الصلوات 209
57 باب ذكر المسيح ابن مريم عليه السلام والمسيح الدجال 223