اختلاف الحديث - الإمام الشافعي - الصفحة ٤٨٤
أنت مفتر " فأبان أن نسخ القرآن لا يكون إلا بقرآن مثله وأبان الله جل ثناؤه أنه فرض على رسوله اتباع أمره فقال " اتبع ما أوحى إليك من ربك " وشهد له باتباعه فقال جل ثناؤه " وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم * صراط الله " فأعلم الله خلقه أنه يهديهم إلى صراطه قال فتقام سنة رسول الله مع كتاب لله جل ثناؤه مقام البيان عن الله عدد فرضه كبيان ما أراد بما أنزل عاما العام أراد به أو الخاص وما أنزل فرضا وأدبا وإباحة وإرشادا إلا أن شيئا من سنة رسول الله يخالف كتاب الله في حال لان الله جل ثناؤه قد أعلم خلقه أن رسوله يهدى إلى صراط مستقيم صراط الله ولا أن شيئا من سنن رسول الله ناسخ لكتاب الله لأنه قد أعلم خلقه أنه إنما ينسخ القرآن بقرآن مثله والسنة تبع للقرآن وقد اختصرت من إبانة السنة عن كتاب الله بعض ما حضرني مما يدل على مثل معناه إن شاء الله قال الله جل ثناؤه " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا " فدل رسول الله على عدد الصلاة ومواقيتها والعمل بها وفيها ودل عليه أنها على العامة الأحرار والمماليك من الرجال والنساء إلا الحيض فأبان منها المعاني التي وصفت وأنها مرفوعة عن الحيض وقال الله جل ثناؤه " إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم " الآية وكان ظاهر محرج الآية على أن على كل قائم إلى الصلاة الوضوء فدل رسول الله على أن فرض الوضوء على القائمين إلى الصلاة في حال دون حال لأنه صلى صلاتين وصلوات بوضوء واحدة وقد قام إلى كل واحد منهن وذهب أهل العلم بالقرآن إلى أنها على القائمين من النوم ودل رسول الله على أشياء توجب الوضوء على من قام إلى الصلاة وذكر الله غسل القدمين فمسح رسول الله على الخفين فدل على أن الغسل على القدمين على بعض المتوضئين دون بعض وقال الله جل ثناؤه لنبيه " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " وقال " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " فكان ظاهر مخرج الآية بالزكاة عاما يراد به الخاص بدلالة سنة رسول الله على أن من أموالهم ما ليس فيه زكاة وأن منها مما فيه الزكاة ما لا يجب فيه الزكاة حتى يبلغ وزنا أو كيلا أو عددا فإذا بلغه كانت فيه الزكاة ثم دل على أن من الزكاة شيئا يؤخذ بعدد وشيئا يؤخذ بكيل وشيئا يؤخذ بوزن وأن منها ما زكاته خمس وعشر وربع عشر وشئ بعدد وقال الله " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " الآية فدل رسول الله صلى الله عليه وسلم على مواقيت الحج وما يدخل به فيه وما يخرج به منه وما يعمل فيه بين الدخول والخروج وقال الله جل ثناؤه " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " وقال " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة " وكان مخرج هذا عاما فدل رسول الله على أن الله جل ثناؤه أراد بهذا بعض السارقين بقوله " تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا " ورجم الحرين الزانيين الثيبين ولم يجلدهما فدلت السنة على أن القطع على بعض السراق دون بعض والجلد على بعض الزناة دون بعض فقد يكون سارقا من غير حرز فلا يقطع وسارقا لا تبلغ سرقته ربع دينار فلا يقطع ويكون زانيا ثيبا فلا يجلد مائة فوجب على كل عالم أن لا يشك أن سنة رسول الله إذا قامت هذا المقام مع كتاب الله في أن الله أحكم فرضه بكتابه وبين كيف ما فرض على لسان نبيه وأبان على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ما أراد به العام والخاص كانت كذلك سنته في كل موضع لا تختلف وأن قول من قال تعرض السنة على القرآن فإن وافقت ظاهره وإلا استعملنا ظاهر القرآن وتركنا الحديث جهل لما وصفت فأبان الله لنا أن سنن رسوله فرض علينا بأن ننتهي إليها لا أن لنا معها من الامر شيئا إلا التسليم لها واتباعها ولا أنها تعرض على قياس ولا على شئ غيرها وأن كل ما سواها من قول الآدميين تبع لها قال فذكرت ما قلت من هذا لعدد من أهل العلم بالقرآن والسنن والآثار واختلاف الناس والقياس والمعقول فكلهم قال مذهبنا ومذهب جميع من رضينا ممن لقينا وحكى لنا عنه من أهل العلم فقلت لألحن من خبرت منهم عندي بحجة وأكثرهم علما فيما علمت أرأيت إذا زعمنا نحن وأنت أن الحق
(٤٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 489 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الاختلاف من جهة المباح 488
2 باب القراءة في الصلاة 488
3 باب في التشهد 488
4 باب في الوتر 489
5 باب سجود القرآن 489
6 باب القصر والاتمام في السفر في الخوف وغير الخوف 490
7 باب الخلاف في ذلك 491
8 باب الفطر والصوم في السفر 492
9 باب قتل الأسارى والمفاداة بهم والمن عليهم 494
10 باب الماء في الماء 495
11 باب الخلاف في أن الغسل لا يجب إلا بخروج الماء 495
12 باب التيمم 496
13 باب صلاة الامام جالسا ومن خلفه قياما 497
14 باب صوم يوم عاشوراء 498
15 باب الطهارة بالماء 499
16 باب الساعات التي تكره فيها الصلاة 503
17 باب الخلاف في هذا الباب 505
18 باب أكل الضب 508
19 باب المجمل والمفسر 509
20 باب الخلاف بيمن تؤخذ منه الجزية وفيمن دان دين أهل الكتاب قبل نزول القرآن 511
21 باب في المرور بين يدي المصلى 512
22 باب خروج النساء إلى المساجد 513
23 باب غسل الجمعة 515
24 باب نكاح البكر 516
25 باب النجش 517
26 باب في بيع الرجل على بيع أخيه 517
27 بيع الحاضر للبادي 518
28 باب تلقى السلع 518
29 باب عطية الرجل لولده 519
30 باب بيع المكاتب 519
31 باب الضحايا 521
32 باب المختلفات التي يوجد على ما يوجد منها دليل على غسل القدمين ومسحهما 521
33 باب الاسفار والتغليس بالفجر 522
34 باب رفع الأيدي في الصلاة 523
35 باب الخلاف فيه 523
36 باب صلاة المنفرد 525
37 باب المختلفات التي يوجد على ما يؤخذ منها دليل على صلاة الخوف 526
38 باب صلاة كسوف الشمس والقمر 527
39 باب الخلاف في ذلك 527
40 باب من أصبح جنبا في شهر رمضان 528
41 باب الحجامة للصائم 529
42 باب نكاح المحرم 530
43 باب ما يكره في الربا من ا لزيادة في البيوع 531
44 باب من أقيم عليه حد في شئ أربع مرات ثم عاد له 531
45 باب لحوم الضحايا 532
46 باب العقوبات في المعاصي 533
47 باب نكاح المتعة 534
48 باب الخلاف في نكاح المتعة 534
49 باب في الجنائز 535
50 باب في الشفعة 535
51 باب في بكاء الحي على الميت 537
52 باب استقبال القبلة للغائط والبول 538
53 باب الصلاة في الثوب ليس على عاتق المرء منه شئ 539
54 باب الكلام في الصلاة 539
55 باب الخلاف في الكلام في الصلاة ساهيا 540
56 باب القنوت في الصلوات كلها 542
57 باب الطيب للاحرام 542
58 باب الخلاف في تطيب المحرم للاحرام 543
59 باب ما يأكل المحرم من الصيد 544
60 باب خطبة الرجل على خطبة أخيه 545
61 باب الصوم لرؤية الهلال والفطر له 546
62 باب نفى الولد 547
63 باب في طلاق الثلاث المجموعة 549
64 باب طلاق الحائض 550
65 باب بيع الرطب باليابس من الطعام 551
66 باب الخلاف في العرايا 552
67 باب بيع الطعام 553
68 باب المصراة (الخراج بالضمان) 554
69 باب الخلاف في المصراة 555
70 باب كسب الحجام 556
71 باب الدعوى والبينات 557
72 باب الخلاف في هذه الأحاديث 559
73 باب المختلفات التي لا يثبت بعضها من مات ولم يحج أو كان عليه نذر 561
74 باب المختلفات التي لا يثبت بعضها من أعتق شركا له في عيد 562
75 باب الخلاف في هذا الباب 562
76 باب قتل المؤمن بالكافر 564
77 باب الخلاف في قتل المؤمن بكافر 565
78 باب جرح العجماء جبار 566
79 باب المختلفات التي عليها دلالة 567