عنهما فسألهما فقال: ما أخرجكما؟ فقالا: أخرجنا الجوع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: و أنا أخرجني الجوع فذهبوا إلى أبي الهيثم بن التيها فأمر له بحنطة أو شعير عنده يعمل.
الحديث.
ثم متى أدركت عائشة العهد الجاهلي؟ وقد ولدت بعد المبعث بأربع أو خمس سنين (1) وهل كانت تفخر في دور الاسلام بثروة بائدة في الجاهلية وصاحبها جائع في الحال الحاضر؟. ولست أدري ما الذي قضى على تلكم الآلاف المؤلفة؟ وما الذي أفناها وأبادها وأفقر صاحبها؟ حتى أصبح ولا يملك شيئا، أو كان لا يملك يوم هجرته إلا أربعة أو خمسة أو ستة آلاف من الدراهم - إن كان ملكها - ولو كان أنفق أي أحد عشر معشار ذلك المال لدوخ العالم صيته، وكان يومئذ يعد في الرعيل الأول من أجواد الدنيا ولم يوجد في صحيفة التاريخ ذكر من تلكم الآلاف والكراسي والحلل، هب أن الذهبي قال في حديث عائشة: ألف الثانية باطلة قطعا فإن ذلك لا يهيأ لسلطان العصر.
وأقر ابن حجر تعقيبه في تهذيب التهذيب (2) فأين قصة ألف أوقية الصحيحة في صحائف التاريخ؟.
وإن صحت الأحلام، وصدقت هذه القصص الوهمية، وكان لأبي بكر ذلك المال الطائل الخيالي لما افتقر أبو قحافة والده لأن يكون أجير عبد الله بن جذعان للنداء على طعامه، ولم يكن يقتني بتلك الخسة لماظة من العيش كما قاله الكلبي في المثالب وأشار إليه أمية بن الصلت في قصيدة يمدح بها ابن جذعان بقوله:
له داع بمكة مشمعل * وآخر فوق دارته ينادي إلى ردح من الشيزى عليها * لباب البر يلبك بالشهاد (3) قال الكلبي: المشمعل هو: سفيان بن عبد الأسد. وآخر: أبو قحافة، وفي تعليق مسامرة الأوائل ص 88: يقال: إن الداعي هو أبو قحافة والد الصديق.