الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ٣٨١
هلك في تسييره، إلى مضروب كسرت أضالعه، إلى مهان توجهت إليه لسبات الألسن وقبل هؤلاء مولانا أمير المؤمنين صالح الأمة، يراه عثمان أحق بالنفي من أولئك كما يأتي حديثه، وأخرجه إلى ينبع مرة بعد أخرى ليقل هتاف الناس باسمه للخلافة، وقال لابن عباس: اكفني ابن عمك. وقال ابن عباس: ابن عمي ليس بالرجل يرى له ولكنه يرى لنفسه فأرسلني إليه بما أحببت. قال: قل له: فليخرج إلى ماله بالينبع فلا اغتم به ولا يغتم بي. فأتى عليا فأخبره فقال: ما اتخذني عثمان إلا ناضحا ثم أنشد يقول:
فكيف به إني أدواي جراحه * فيدوى فلا مل الدواء ولا الداء وقال: يا ابن عباس! ما يريد عثمان إلا أن يجعلني جملا ناضحا بالغرب (1) أقبل وأدبر بعث إلي أن أخرج، ثم بعث إلي أن أقدم، ثم هو الآن يبعث إلي أن أخرج والله لقد دفعت عنه حتى خشيت أن أكون آثما. (2) فهلا كان ابن سبا وأصحابه بمرأى من الخليفة ومسمع وقد طغوا في البلاد و أكثروا فيها الفساد؟ وكيف بهضة أمر أولئك الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ولا يهمه قمع تلكم الجرثومة الخبيثة باجتثاث أصلها؟ بإعدام عبد الله بن سبا، أو صلبه على جذوع النخل، أو قطع يده ورجله من خلاف، أو نفيه من الأرض.
هلا كان واجب الخليفة أن يشاور صلحاء الصحابة في الرجل الضال المضل بدل ما شاور أبناء بيته الساقط في أبي ذر العظيم بقوله القارص: أشيروا علي في هذا الشيخ الكذاب إما أن اضربه أو أحبسه أو اقتله، فإنه قد فرق جماعة المسلمين، أو أنفيه من أرض الاسلام؟ (3) نعم: كان عبد الله بن سبا من جراثيم العيث والفساد، وجذوم الكفر والالحاد، ولم يفتأ يتقلب بين المسلمين بنواياه السيئة وإن لم يثبت عنه المبدأ الشيوعي قط، ولا

(١) نضح الجمل حمله من بئر أو نهر ليسقى به الزرع فهو ناضح. والغرب بالفتح فسكون:
الدلو العظيمة، والكلام تمثيل للتسخير.
(٢) نهج البلاغة ١: ٤٦٨، العقد الفريد 2: 274.
(3) راجع ما مر ص 298، 306 من هذا الجزء.
(٣٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 ... » »»