من يومه ثم بعث إليه الذي أتاه بها فقال: إن معاوية إنما بعثني إلى غيرك فأخطأت فهات الذهب فقال: ويحك إنها خرجت ولكن إذا جاء مالي حاسبناك به.
وليس فيه إلا زهد أبي ذر المهلك سبده ولبده، ولم يكن عمله هذا عن فتوى و لا إيجاب، وإنما كان تطوعا ومبالغة في الزهادة والجود، وقد سبقه إلى ذلك سيد البشر صلى الله عليه وآله، عاش صلى الله عليه وآله كما عرفت ومات ولم دع دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ولا شاة ولا بعيرا، وترك درعه رهنا عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير (1) وحذا حذوه آله سلام الله عليهم الذين كانوا يطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة (2) الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة وهم راكعون (3) الذين ينفقون أموالهم باليل والنهار سرا وعلانية (4) وقد خرج الإمام السبط الحسن الزكي من ماله مرتين، وقاسم الله عز وجل ماله ثلاث مرارا حتى أن كان ليعطي نعلا ويمسك نعلا، ويعطي خفا ويمسك خفا (5) وما أكثر الزهاد أمثال أبي ذر في أمة محمد صلى الله عليه وآله وقد أفنت الزهادة كل مالهم من ثمة ورمة وقد عد ذلك في الجميع فضيلة يذكرون بها ويشكرون عليها إلا في أبي ذر شبيه عيسى بن مريم في الأمة المرحومة فاتخذوه مدركا لتلك الفتوى المزعومة غفرانك اللهم وإليك المصير.
استشهاد اللجنة بكلمة ابن حجر أما الشاهد الثالث (ابن حجر) فليت اللجنة الحاكمة لم تلخص كلامه ففيما سرده في فتح الباري 3: 213 ما لا يلائم خطة اللجنة ففيه من أعلام النبوة ما قدمنا ذكره من عهد النبي صلى الله عليه وآله بذلك النفي والإخراج في سياق يؤدي أن أبا ذر سيكون مضطهدا في ذلك مظلوما، ويؤكد هذا السياق ما أسلفناه من قوله صلى الله عليه وآله: يا أبا ذر! أنت