بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨١ - الصفحة ٢٨
10. " (باب) " * " (القبلة وأحكامها) " * الآيات: البقرة: ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم (1).

(١) البقرة: ١٧٧. وللآية تعلق بما قبلها وهي أربعة آيات ترد على اليهود والنصارى في مقالتهم - كما حكاه الله عز وجل بقوله: " وقالوا لن يدخل الجنة الا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين * بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون * وقالت اليهود ليست النصارى على شئ وقالت النصارى ليست اليهود على شئ وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون * ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها الا خائفين * لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم * ولله المشرق والمغرب الآية.
وأما هذه الخامسة: فإنها ترد عليهم احتجاجهم في أمر القبلة وهو أن قبلة كل ملة هي أخص الشعائر التي يميز بها عن سائر الملل وقد كانت الملل من أهل الكتاب لكل واحد منهم قبلة على حدة ووجهة هو موليها يختص بهم فكيف يدعى المسلمون أنهم ملة مستقلة قد نسخ ملتهم سائر الملل ودينهم كل الأديان وكتابهم ساير الكتب وهم مع ذلك يتبعون ملة اليهود في أخص شعائرهم وهي القبلة؟
فرد الله عليهم تلك المزعمة بأن كل المعمورة من المشرق إلى المغرب وما بينهما من البلاد كلها ملك لله على السواء وكل جهة استقبل في الصلاة فقد استقبل بها وجه الله عز وجل، سواء كان هي المشرق أو المغرب أو جهة أخرى غير ذلك.
فالمسلمون حيثما توجهوا في صلواتهم يستقبلون وجه الله عز وجل، وإنما اتخذوا جهة بيت المقدس قبلة لأمر أمرهم الله عز وجل على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وآله لا لان بيت المقدس بيت اختصه الله لنفسه فيحق في حد ذاته التشريف بكونه قبلة الأنام فلا قبلة سواها، ولا لأنهم تابعون ملة اليهود وداخلون في زمرتهم، والله واسع لا يكلف المسلمين بما يحرج به أنفسهم ويضيق به صدورهم عليم بابتلائهم وسينجيهم منه برحمته وفضله.
ففي هذه الآية تقدمة وتوطئة بل موعدة من الله الواسع العليم إلى ما سيوسعه في أمر المسلمين من تحويل قبلتهم هذه إلى قبلة أخرى غير قبلتي اليهود والنصارى، لئلا يكون للناس عليهم حجة الا الذين ظلموا منهم ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم.
فتلخص مما مر أن قوله تعالى " لله المشرق والمغرب " لا يفيد أن ما بين المشرق والمغرب قبلة (كما لا إشارة فيها إلى النوافل ولا الاسفار ولا حين التحير) بل إنما يرد على السفهاء الذين كانوا يحاجون المسلمين ويعيرونهم باتباع قبلة اليهود، ولذلك قال " فأينما تولوا فثم وجه الله " عاما ولم يخصه بما بين المشرق والمغرب، وينص على ذلك تكرار هذه الجملة في قوله تعالى بعد تحويل القبلة " سيقول السفهاء من الناس ما وليهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم ".
نعم يدل قوله تعالى: " فأينما تولوا فثم وجه الله " على أن الصلاة إلى غير القبلة المفروضة لا تذهب ضياعا، إذا كان المصلى معذورا لتحير أو سفر أو غير ذلك كما سيجئ شرحه في روايات أهل البيت عليهم الصلاة والسلام.
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 تتمة باب فضل المساجد وأحكامها وآدابها 1
3 في قول رسول الله (ص): من أدمن إلى المسجد أصاب الخصال الثمانية 3
4 في الوقف على المسجد 7
5 تتميم في كراهة الخذف بالحصا في المسجد، وكشف السرة والفخذ 17
6 * الباب التاسع * صلاة التحية والدعاء عند الخروج إلى الصلاة، وعند دخول المسجد، وعند الخروج منه 19
7 الدعاء عند الخروج من البيت إلى المسجد 20
8 الدعاء عند الخروج من المسجد 22
9 * الباب العاشر * القبلة وأحكامها، وفيه: آيات، وأحاديث 28
10 معنى قوله عز اسمه: " فأينما تولوا فثم وجه الله " في ذيل الصفحة 28(ه‍)
11 سبب نزول قوله عز وجل " ولله المشرق والمغرب " 31
12 معنى قوله تعالى: " وما جعلنا القبلة التي كنت عليها " وفي الذيل ما يناسب 35
13 بحث حول وجوب الاستقبال في الفريضة فقط دون النافلة 48
14 في معنى القبلة وفيما يجب استقباله 51
15 في قبلة مسجد الكوفة ومسجد النبي صلى الله عليه وآله 54
16 في الالتفات إلى أحد الجانبين 58
17 فيمن صلى وظن أنه على القبلة ثم تبين خطأوه، والأقوال فيه 63
18 فيمن فقد العلم بالقبلة، والأقوال فيه 65
19 في تحويل القبلة 71
20 رسالة: إزاحة العلة - في معرفة القبلة، للشيخ أبي الفضل شاذان بن جبرئيل 74
21 في ذكر وجوب التوجه إلى القبلة وأقسام القبلة وأحكامها 74
22 تحويل القبلة ومن كان في جوفها أو فوقها، وحكم البلاد 76
23 القبلة في: مالطة وشمشاط والشام وعسفان وتبوك والسوس 78
24 القبلة في: بلاد الحبشة وبلاد مصر والصين واليمن والهند وكابل والأهواز... 80
25 القبلة في حال الخوف وعلى الراحلة والسفينة والمسابقة 85
26 فيما قاله العلامة المجلسي (ره) وإيانا في الرسالة وبيانه في انحراف البلاد... 86
27 * الباب الحادي عشر * وجوب الاستقرار في الصلاة، والصلاة الراحلة والمحمل والسفينة والرف... 90
28 الاستدلال بوجوب الاستقرار في الصلاة من الآية الكريمة في الذيل 90
29 الصلاة في الرف والأرجوحة والسفينة 94
30 * الباب الثاني عشر * في صلاة الموتحل والغريق، ومن لا يجد الأرض للثلج، وفيه: حديثان 101
31 الأقوال في سجدة من يصلي في الثلج أو الماء أو الطين 101
32 * الباب الثالث عشر * الأذان والإقامة وفضلهما وتفسيرهما وأحكامهما وشرائطها... 103
33 معنى قوله عز وجل: " وإذا ناديتم إلى الصلاة " 103
34 ثواب المؤذن، وأذان جبرئيل 106
35 الأقوال في الأذان والإقامة 108
36 الأقوال في: أشهد أن عليا ولي الله 111
37 القول في: الصلاة خير من النوم 118
38 في بدو الاذان 121
39 معنى الاذان 131
40 علة الاذان وفصوله بكيفيته المشهورة، وفيه توضيح 143
41 فيمن نسي أو سهى الاذان والأقوال فيه 165
42 * الباب الرابع عشر * حكاية الاذان والدعاء بعده 173
43 الدعاء بين الأذان والإقامة في جميع الصلوات 177
44 في استحباب الجلوس بين أذان المغرب وإقامته والدعاء بعده 181
45 * الباب الخامس عشر * وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها وجمل أحكامها وواجباتها وسننها 185
46 قصة حماد الذي صلى عند مولانا الصادق عليه السلام وكيفية الصلاة التي صلاها... 185
47 النهي عن قول: آمين، بعد الحمد 201
48 آداب الصلاة والأدعية التي كانت بينها من البدو إلى الختم 206
49 * الباب السادس عشر * آداب الصلاة، وفيه: آيات، و: أحاديث 226
50 قصة أبي ذر الغفاري ومقامه وصلاته وأغنامه 231
51 للمصلي ثلاث خصال 243
52 قصة مولانا السجاد (ع) وهو يصلي وسقوط مولانا الباقر عليه السلام في قعر البئر 245
53 معنى الصلاة في الحقيقة 246
54 في تأويل افعال الصلاة 254
55 * الباب السابع عشر * ما يجوز فعله في الصلاة وما لا يجوز وما يقطعها وما لا يقطعها... 268
56 معنى قوله عز وجل: " لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى "... 268(ه‍)
57 معنى قوله تعالى: " وإذا حييتم بتحية "... 272
58 في الحدث الواقع في أثناء الصلاة والقهقهة والنوم 282
59 الفعل الكثير، والأقوال فيه 288
60 فيمن لا يسلم عليه 309
61 في مبطلات الصلاة 310
62 * الباب الثامن عشر * من لا تقبل صلاته وبيان بعض ما نهى عنه في الصلاة 315
63 في أن من شرب الخمر لم يحتسب صلاته أربعين صباحا، والأقوال فيه، وما قاله 315
64 * الباب التاسع عشر * النهى عن التكفير 325
65 في قول علي (ع): لا يجمع المسلم يديه في صلاته وهو قائم بين يدي الله عز وجل... 325
66 * الباب العشرون * ما يستحب قبل الصلاة من الآداب 329
67 في قول الصادق (ع): لا يخلو المؤمن من خمس: مشط وسواك وخاتم عقيق... 329
68 * الباب الحادي والعشرون * القيام والاستقلال فيه وغيره من أحكامه وآدابه وكيفية صلاة المريض... 331
69 معنى قوله تعالى: " وقوموا لله قانتين " والاستدلال بوجوب القيام 331
70 في العجز عن القيام 335
71 * الباب الثاني والعشرون * آداب القيام إلى الصلاة والأدعية عنده والنية والتكبيرات الافتتاحية... 344
72 القول في وجوب رفع اليدين في جميع التكبيرات في الصلاة 352
73 علة التكبير وذكر الركوع والسجود 355
74 الدعاء عند الصلاة 365
75 عدد التكبيرات في الصلاة 381