بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٨١ - الصفحة ١٢١
بحذاء الكعبة، قال: فجمع له النبيين والمرسلين والملائكة ثم أمر جبرئيل فأتم الاذان وأقام الصلاة، وتقدم رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى بهم فلما فرغ التفت إليهم فقال الله له سل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك لقد جائك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين فسئلهم يومئذ النبي صلى الله عليه وآله ثم نزل ومعه صحيفتان فدفعهما إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال أبو عبد الله عليه السلام: فهذا كان بدء الاذان (1).
بيان: " فقال إن رجلا " القائل عبد الصمد أو رجل آخر حذف اسمه من الخبر اختصارا ونفور الملائكة لشدة سطوع الأنوار الصورية والمعنوية، وعجزهم عن إبصارها وإدراكها، قوله صلى الله عليه وآله " إن هؤلاء " هذا إشارة إلى قوله تعالى: " وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون فاصفح " (2) الآية قال الطبرسي: عطف على قوله: " وعنده علم الساعة " أي وعنده علم قيله، وقال قتادة هذا نبيكم يشكو قومه إلى ربه وينكر عليهم تخلفهم عن الايمان، وذكر أن قراءة عبد الله " وقال الرسول يا رب " وعلى هذا فالهاء في " وقيله " تعود إلى النبي صلى الله عليه وآله " فاصفح عنهم " أي فأعرض عنهم كما قال:
وأعرض عن الجاهلين " وقل سلام " أي مداراة ومتاركة، وقيل: هو سلام هجران ومجانبة كقوله " سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين " (3) وقيل معناه قل ما تسلم به من شرهم و أذاهم، وهذا منسوخ بآية السيف، وقيل: معناه فاصفح عن سفههم ولا تقابلهم بمثله فلا يكون منسوخا (4).
ثم اعلم أن الأصحاب اتفقوا على أن الأذان والإقامة إنما شرعا بوحي من الله، وأجمعت العامة على نسبة الاذان إلى رؤيا عبد الله بن زيد في منامه (5) ونقلوا

(١) تفسير العياشي ج ١ ص ١٥٧ - ١٥٨.
(٢) الزخرف: ٨٩.
(٣) القصص: ٥٥.
(4) مجمع البيان ج 9 ص 59.
(5) قال الشعراني مد ظله في بعض حواشيه على الوافي: روى أبو القاسم السهيلي المالقى في كتاب الروض الأنف عن الباقر عليه السلام حديثا يتضمن وحى الاذان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة المعراج، ثم قال: وأخلق بهذا الحديث أن يكون صحيحا، لما يعضده و يشاكله من أحاديث الاسراء، فبمجموعها يحصل أن معاني الصلاة كلها أو أكثرها قد جمعها حديث الاسراء إلى آخره.
وقال أيضا: فأما الحكمة في تخصيص الاذان برؤية رجل من المسلمين ولم يكن عن وحى، فلان رسول الله صلى الله عليه وآله قد أريه ليلة الاسراء وسمعه مشاهدة فوق سبع سماوات، وهذا أقوى من الوحي، فلما تأخر فرض الاذان إلى المدينة، وأرادوا اعلام الناس بوقت الصلاة تلبث الوحي حتى رأى عبد الله الرؤيا، فوافقت ما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله فلذلك قال صلى الله عليه وآله " انها رؤيا حق انشاء الله " وعلم حينئذ أن مراد الحق بما رآه في السماء أن يكون سنة في الأرض إلى أن قال: واقتضت الحكمة الإلهية أن يكون الاذان على لسان غير النبي صلى الله عليه وآله من المؤمنين لما فيه من التنويه من الله لعبده والرفع لذكره، فلان يكون ذلك على غير لسانه، أنوه به وأفخم لشأنه، وهذا معنى بين، فان الله سبحانه يقول: " ورفعنا لك ذكرك " فمن رفع ذكره أن أشاد به على لسان غيره: انتهى كلام المالقى.
قال الشعراني: وهو وجه حسن، وتفطن عجيب وبه يجمع بين الحديثين، والحكمة التي ذكرها في رؤيا عبد الله بن زيد، مما يؤيده العقل، ولا ينافي كون الاذان بالوحي من الله تعالى كما في أحاديثنا، والاعتراض منا إنما هو على من ينفى الوحي في الاذان، لا على رؤيا عبد الله بن زيد، فان المنافقين والملاحدة كانوا يتهمون النبي صلى الله عليه وآله بأنه أدخل اسمه في الاذان من عند نفسه وأعلن به في المنابر حبا للشهرة وطلبا للجاه، وأما إذا رآه عبد الله بن زيد في الرؤيا، ولم يكونوا يتهمونه لعدم كونه من أصحاب سر رسول الله والمتخلين معه دائما، ارتفعت التهمة وكانت آية من آيات النبوة.
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 تتمة باب فضل المساجد وأحكامها وآدابها 1
3 في قول رسول الله (ص): من أدمن إلى المسجد أصاب الخصال الثمانية 3
4 في الوقف على المسجد 7
5 تتميم في كراهة الخذف بالحصا في المسجد، وكشف السرة والفخذ 17
6 * الباب التاسع * صلاة التحية والدعاء عند الخروج إلى الصلاة، وعند دخول المسجد، وعند الخروج منه 19
7 الدعاء عند الخروج من البيت إلى المسجد 20
8 الدعاء عند الخروج من المسجد 22
9 * الباب العاشر * القبلة وأحكامها، وفيه: آيات، وأحاديث 28
10 معنى قوله عز اسمه: " فأينما تولوا فثم وجه الله " في ذيل الصفحة 28(ه‍)
11 سبب نزول قوله عز وجل " ولله المشرق والمغرب " 31
12 معنى قوله تعالى: " وما جعلنا القبلة التي كنت عليها " وفي الذيل ما يناسب 35
13 بحث حول وجوب الاستقبال في الفريضة فقط دون النافلة 48
14 في معنى القبلة وفيما يجب استقباله 51
15 في قبلة مسجد الكوفة ومسجد النبي صلى الله عليه وآله 54
16 في الالتفات إلى أحد الجانبين 58
17 فيمن صلى وظن أنه على القبلة ثم تبين خطأوه، والأقوال فيه 63
18 فيمن فقد العلم بالقبلة، والأقوال فيه 65
19 في تحويل القبلة 71
20 رسالة: إزاحة العلة - في معرفة القبلة، للشيخ أبي الفضل شاذان بن جبرئيل 74
21 في ذكر وجوب التوجه إلى القبلة وأقسام القبلة وأحكامها 74
22 تحويل القبلة ومن كان في جوفها أو فوقها، وحكم البلاد 76
23 القبلة في: مالطة وشمشاط والشام وعسفان وتبوك والسوس 78
24 القبلة في: بلاد الحبشة وبلاد مصر والصين واليمن والهند وكابل والأهواز... 80
25 القبلة في حال الخوف وعلى الراحلة والسفينة والمسابقة 85
26 فيما قاله العلامة المجلسي (ره) وإيانا في الرسالة وبيانه في انحراف البلاد... 86
27 * الباب الحادي عشر * وجوب الاستقرار في الصلاة، والصلاة الراحلة والمحمل والسفينة والرف... 90
28 الاستدلال بوجوب الاستقرار في الصلاة من الآية الكريمة في الذيل 90
29 الصلاة في الرف والأرجوحة والسفينة 94
30 * الباب الثاني عشر * في صلاة الموتحل والغريق، ومن لا يجد الأرض للثلج، وفيه: حديثان 101
31 الأقوال في سجدة من يصلي في الثلج أو الماء أو الطين 101
32 * الباب الثالث عشر * الأذان والإقامة وفضلهما وتفسيرهما وأحكامهما وشرائطها... 103
33 معنى قوله عز وجل: " وإذا ناديتم إلى الصلاة " 103
34 ثواب المؤذن، وأذان جبرئيل 106
35 الأقوال في الأذان والإقامة 108
36 الأقوال في: أشهد أن عليا ولي الله 111
37 القول في: الصلاة خير من النوم 118
38 في بدو الاذان 121
39 معنى الاذان 131
40 علة الاذان وفصوله بكيفيته المشهورة، وفيه توضيح 143
41 فيمن نسي أو سهى الاذان والأقوال فيه 165
42 * الباب الرابع عشر * حكاية الاذان والدعاء بعده 173
43 الدعاء بين الأذان والإقامة في جميع الصلوات 177
44 في استحباب الجلوس بين أذان المغرب وإقامته والدعاء بعده 181
45 * الباب الخامس عشر * وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها وجمل أحكامها وواجباتها وسننها 185
46 قصة حماد الذي صلى عند مولانا الصادق عليه السلام وكيفية الصلاة التي صلاها... 185
47 النهي عن قول: آمين، بعد الحمد 201
48 آداب الصلاة والأدعية التي كانت بينها من البدو إلى الختم 206
49 * الباب السادس عشر * آداب الصلاة، وفيه: آيات، و: أحاديث 226
50 قصة أبي ذر الغفاري ومقامه وصلاته وأغنامه 231
51 للمصلي ثلاث خصال 243
52 قصة مولانا السجاد (ع) وهو يصلي وسقوط مولانا الباقر عليه السلام في قعر البئر 245
53 معنى الصلاة في الحقيقة 246
54 في تأويل افعال الصلاة 254
55 * الباب السابع عشر * ما يجوز فعله في الصلاة وما لا يجوز وما يقطعها وما لا يقطعها... 268
56 معنى قوله عز وجل: " لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى "... 268(ه‍)
57 معنى قوله تعالى: " وإذا حييتم بتحية "... 272
58 في الحدث الواقع في أثناء الصلاة والقهقهة والنوم 282
59 الفعل الكثير، والأقوال فيه 288
60 فيمن لا يسلم عليه 309
61 في مبطلات الصلاة 310
62 * الباب الثامن عشر * من لا تقبل صلاته وبيان بعض ما نهى عنه في الصلاة 315
63 في أن من شرب الخمر لم يحتسب صلاته أربعين صباحا، والأقوال فيه، وما قاله 315
64 * الباب التاسع عشر * النهى عن التكفير 325
65 في قول علي (ع): لا يجمع المسلم يديه في صلاته وهو قائم بين يدي الله عز وجل... 325
66 * الباب العشرون * ما يستحب قبل الصلاة من الآداب 329
67 في قول الصادق (ع): لا يخلو المؤمن من خمس: مشط وسواك وخاتم عقيق... 329
68 * الباب الحادي والعشرون * القيام والاستقلال فيه وغيره من أحكامه وآدابه وكيفية صلاة المريض... 331
69 معنى قوله تعالى: " وقوموا لله قانتين " والاستدلال بوجوب القيام 331
70 في العجز عن القيام 335
71 * الباب الثاني والعشرون * آداب القيام إلى الصلاة والأدعية عنده والنية والتكبيرات الافتتاحية... 344
72 القول في وجوب رفع اليدين في جميع التكبيرات في الصلاة 352
73 علة التكبير وذكر الركوع والسجود 355
74 الدعاء عند الصلاة 365
75 عدد التكبيرات في الصلاة 381