بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٣ - الصفحة ٤١١
ينطق بالحكمة ويبينها (1) فيها، قال: فلما أوتي الحكم (2) ولم يقبلها أمر الله الملائكة فنادت داود بالخلافة فقبلها ولم يشترط فيها بشرط لقمان، فأعطاه الله الخلافة في الأرض وابتلي فيها غير مرة، وكل ذلك يهوي في الخطاء يقيله الله ويغفر له، وكان لقمان يكثر زيارة داود عليه السلام ويعظه بمواعظه وحكمته وفضل علمه، وكان يقول داود له: طوبى لك يا لقمان أوتيت الحكمة، وصرفت عنك البلية، وأعطي داود الخلافة، وابتلي بالخطأ (3) والفتنة.
ثم قال أبو عبد الله في قول الله: " وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم " قال: فوعظ لقمان ابنه بآثار حتى تفطر وانشق، وكان فيما وعظه به يا حماد أن قال: يا بني إنك منذ سقطت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الآخرة، فدار أنت إليها تسير أقرب إليك من دار أنت عنها متباعد. يا بني جالس العلماء وازحمهم بركبتيك، ولا تجادلهم فيمنعوك، وخذ من الدنيا بلاغا، ولا ترفضها فتكون عيالا على الناس، ولا تدخل فيها دخولا يضر بآخرتك، وصم صوما يقطع شهوتك، ولا تصم صياما يمنعك من الصلاة، فإن الصلاة أحب إلى الله من الصيام. يا بني إن الدنيا بحر عميق، قد هلك فيها عالم كثير، فاجعل سفينتك فيها الايمان، واجعل شراعها التوكل، واجعل زادك فيها تقوى الله، فإن نجوت فبرحمة الله، وإن هلكت فبذنوبك. يا بني إن تأدبت صغيرا انتفعت به كبيرا، ومن عنى بالأدب اهتم به، ومن اهتم به تكلف علمه، ومن تكلف علمه اشتد له طلبه، ومن اشتد له طلبه أدرك منفعته فاتخذه عادة، فإنك تخلف في سلفك، وتنفع به من خلفك، (4) ويرتجيك فيه راغب، ويخشى صولتك راهب، وإياك والكسل عنه بالطلب لغيره، فإن غلبت على الدنيا فلا تغلبن على الآخرة، فإذا فاتك طلب العلم في مظانه فقد غلبت على الآخرة، واجعل في أيامك ولياليك وساعاتك لنفسك نصيبا

(1) في نسخة: ويبثها.
(2) هكذا في نسخ وفى المصدر، وفى نسخة: فلما اوتى الخلافة ولم يقبلها.
(3) في نسخة: وابتلى بالحكم بالخطأ.
(4) في المصدر: وينفع به من خلفك.
(٤١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 نقش خاتم موسى وهارون عليهما السلام وعلل تسميتهما و بعض أحوالهما، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 أحوال موسى عليه السلام من حين ولادته إلى نبوته، وفيه 21 حديثا. 13
4 باب 3 معنى قوله تعالى: (فاخلع نعليك) وقول موسى عليه السلام: (واحلل عقدة من لساني) وأنه لم سمي الجبل طور سيناء، وفيه خمسة أحاديث. 64
5 باب 4 بعثة موسى وهارون عليهما السلام على فرعون، وأحوال فرعون وأصحابه وغرقهم، وما نزل عليهم من العذاب قبل ذلك، وإيمان السحرة وأحوالهم، وفيه 61 حديثا 67
6 باب 5 أحوال مؤمن آل فرعون وامرأة فرعون، وفيه ستة أحاديث 157
7 باب 6 خروج موسى عليه السلام من الماء مع بني إسرائيل وأحوال التيه، وفيه 21 حديثا. 165
8 باب 7 نزول التوراة وسؤال الرؤية وعبادة العجل وما يتعلق بها، وفيه 51 حديثا. 195
9 باب 8 قصة قارون، وفيه خمسة أحاديث. 249
10 باب 9 قصة ذبح البقرة، وفيه سبعة أحاديث. 259
11 باب 10 قصص موسى وخضر عليهما السلام، وفيه 55 حديثا. 278
12 باب 11 ما ناجى به موسى عليه السلام ربه وما أوحي إليه من الحكم والمواعظ وما جرى بينه وبين إبليس لعنه الله وفيه 80 حديثا. 323
13 باب 12 وفاة موسى وهارون عليهما السلام وموضع قبرهما، وبعض أحوال يوشع بن نون عليه السلام، وفيه 22 حديثا. 363
14 باب 13 تمام قصة بلعم بن باعور، وفيه ثلاثة أحاديث. 377
15 باب 14 قصة حزقيل عليه السلام، وفيه تسعة أحاديث. 381
16 باب 15 قصص إسماعيل الذي سماه الله صادق الوعد وبيان أنه غير إسماعيل بن إبراهيم، وفيه سبعة أحاديث. 388
17 باب 16 قصة إلياس وإليا واليسع عليهم السلام، وفيه عشرة أحاديث. 392
18 باب 17 قصص ذي الكفل عليه السلام، وفيه حديثان. 404
19 باب 18 قصص لقمان وحكمه، وفيه 28 حديثا. 408
20 باب 19 قصص إشموئيل عليه السلام وتالوت وجالوت وتابوت السكينة، وفيه 22 حديثا. 435