بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٣ - الصفحة ١٢٤
تعالى إلا بلوازمه وآثاره، وأظهر آثار واجب الوجود هو هذا العالم المحسوس، وهو السماوات والأرض وما بينهما، فلذا قال موسى عليه السلام: " رب السماوات والأرض وما بينهما ".
وأما قوله: " إن كنتم موقنين " فمعناه: إن كنتم موقنين باستناد هذه المحسوسات إلى موجود واجب الوجود فاعرفوا أنه لا يمكن تعريفه إلا بما ذكرته، لأنكم لما سلمتم انتهاء هذه المحسوسات إلى واجب لذاته وثبت أنه فرد مطلق وثبت أن الفرد المطلق لا يمكن تعريفه إلا بآثاره وثبت أن تلك الآثار لابد وأن تكون أظهر آثاره وما ذاك إلا السماوات والأرض وما بينهما فإن أيقنتم لزمكم أن تقطعوا بأنه لا جواب عن ذلك السؤال إلا هذا فقال فرعون على سبيل التعجب من جواب موسى: " ألا تستمعون " أنا أطلب منه الماهية وهو يجيبني بالفاعلية والمؤثرية؟ فأجاب موسى عليه السلام بأن قال: " ربكم ورب آبائكم الأولين " وكأنه عليه السلام عدل عن التعريف السابق لأنه لا يمتنع أن يعتقد أحد أن السماوات والأرضين واجبة لذواتها، ولا يمكن أن يعتقد العاقل في نفسه وآبائه و أجداده كونهم واجبة لذواتهم، لان المشاهدة دلت على أنهم وجدوا بعد العدم، وما كان كذلك استحال أن يكون واجبا لذاته. فقال فرعون: " إن رسولكم الذي ارسل إليكم لمجنون " يعني المقصود من سؤال ما طلب خصوصية الحقيقة، والتعريف بهذه الآثار الخارجة لا تفيد البتة تلك الخصوصية، فهذا الذي يدعي الرسالة مجنون، فقال موسى: " رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون " فعدل إلى طريق ثالث أوضح لأنه أراد بالمشرق طلوع الشمس وظهور النهار، وبالمغرب غروب الشمس وزوال النهار، والامر ظاهر في أن هذا التدبير المستمر لا يتم إلا بتدبير مدبر، فإن كنت من العقلاء عرفت أنه لا جواب عن سؤالك إلا ما ذكرته. انتهى ملخص كلامه. (1) أقول: لعل الأظهر أنه لم يكن سؤاله عن طلب الماهية والحقيقة، بل على وجه الاستبعاد من وجود إله غيره، فاستدل عليه السلام على وجوده تعالى بالسماوات والأرض وما بينهما، ثم أظهر الاستبعاد عن كون السماوات والأرض محتاجة إلى الصانع، بل هي واجبة متحركة بذواتها كما هو مذهب الدهرية، أو أنه كان يخيل أنه رب السماوات و

(1) مفاتيح الغيب 6: 403 - 404. م
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 نقش خاتم موسى وهارون عليهما السلام وعلل تسميتهما و بعض أحوالهما، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 أحوال موسى عليه السلام من حين ولادته إلى نبوته، وفيه 21 حديثا. 13
4 باب 3 معنى قوله تعالى: (فاخلع نعليك) وقول موسى عليه السلام: (واحلل عقدة من لساني) وأنه لم سمي الجبل طور سيناء، وفيه خمسة أحاديث. 64
5 باب 4 بعثة موسى وهارون عليهما السلام على فرعون، وأحوال فرعون وأصحابه وغرقهم، وما نزل عليهم من العذاب قبل ذلك، وإيمان السحرة وأحوالهم، وفيه 61 حديثا 67
6 باب 5 أحوال مؤمن آل فرعون وامرأة فرعون، وفيه ستة أحاديث 157
7 باب 6 خروج موسى عليه السلام من الماء مع بني إسرائيل وأحوال التيه، وفيه 21 حديثا. 165
8 باب 7 نزول التوراة وسؤال الرؤية وعبادة العجل وما يتعلق بها، وفيه 51 حديثا. 195
9 باب 8 قصة قارون، وفيه خمسة أحاديث. 249
10 باب 9 قصة ذبح البقرة، وفيه سبعة أحاديث. 259
11 باب 10 قصص موسى وخضر عليهما السلام، وفيه 55 حديثا. 278
12 باب 11 ما ناجى به موسى عليه السلام ربه وما أوحي إليه من الحكم والمواعظ وما جرى بينه وبين إبليس لعنه الله وفيه 80 حديثا. 323
13 باب 12 وفاة موسى وهارون عليهما السلام وموضع قبرهما، وبعض أحوال يوشع بن نون عليه السلام، وفيه 22 حديثا. 363
14 باب 13 تمام قصة بلعم بن باعور، وفيه ثلاثة أحاديث. 377
15 باب 14 قصة حزقيل عليه السلام، وفيه تسعة أحاديث. 381
16 باب 15 قصص إسماعيل الذي سماه الله صادق الوعد وبيان أنه غير إسماعيل بن إبراهيم، وفيه سبعة أحاديث. 388
17 باب 16 قصة إلياس وإليا واليسع عليهم السلام، وفيه عشرة أحاديث. 392
18 باب 17 قصص ذي الكفل عليه السلام، وفيه حديثان. 404
19 باب 18 قصص لقمان وحكمه، وفيه 28 حديثا. 408
20 باب 19 قصص إشموئيل عليه السلام وتالوت وجالوت وتابوت السكينة، وفيه 22 حديثا. 435