بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ١٦١
نزلت في المنافقين بعد الهجرة بسنة، وذلك أنهم سألوا سلمان الفارسي ذات يوم فقالوا:
حدثنا عما في التوراة فإن فيها عجائب، فنزلت: " الر تلك آيات الكتاب المبين " إلى قوله تعالى: " لمن الغافلين " فخبرهم أن هذا القرآن أحسن القصص وأنفع لهم من غيره، فكفوا عن سؤال سلمان ما شاء الله، ثم عادوا فسألوا سلمان عن مثل ذلك فنزلت:
" الله نزل أحسن الحديث كتابا " الآية فكفوا عن سؤال سلمان ما شاء الله، ثم عادوا فسألوا سلمان فنزلت هذه الآية، عن الكلبي ومقاتل، وقيل: نزلت في المؤمنين، و قال ابن مسعود: ما كان بين إسلامنا وبين أن عوتبنا بهذه الآية إلا أربع سنين، فجعل المؤمنون يعاتب بعضهم بعضا، وقيل: إن الله استبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن بهذه الآية، عن ابن عباس، وقيل: كانت الصحابة بمكة مجدبين، فلما هاجروا أصابوا الريف (1) والنعمة، فتغيروا عما كانوا عليه فقست قلوبهم، والواجب أن يزدادوا الايمان واليقين والاخلاص في طول صحبة الكتاب، عن محمد بن كعب. (2) وقال البيضاوي في قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا " أي بالرسل المتقدمة (3) " اتقوا الله " فيما نهاكم منه " وآمنوا برسوله " محمد صلى الله عليه وآله " يؤتكم كفلين " نصيبين " من رحمته " لايمانكم بمحمد صلى الله عليه وآله، وإيمانكم بمن قبله، ولا يبعد أن يثابوا على دينهم السابق وإن كان منسوخا ببركة الاسلام، وقيل: الخطاب للنصارى الذين كانوا في عصره " ويجعل لكم نورا تمشون به " يريد المذكور في قوله: " يسعى نورهم " أو الهدى الذي يسلك به إلى جناب القدس " لئلا يعلم " أي ليعلموا، ولا مزيدة، ويؤيده أنه قرئ:
ليعلم، ولكي يعلم ولان يعلم بإدغام النون في الياء " أهل الكتاب أن لا يقدرون على شئ من فضل الله " أن هي المخففة، والمعنى أنهم لا ينالون شيئا مما ذكر من فضله، لأنهم لم يؤمنوا برسوله وهو مشروط بالايمان به " أولا يقدرون على شئ من فضله " فضلا أن يتصرفوا في أعظمه وهو النبوة فيخصونها بمن أرادوا، وقيل: لا غير مزيدة

(1) الريف: السعة في المآكل والمشارب. أرض فيها زرع وخصب.
(2) مجمع البيان 9: 237. (3) في نسخة: بالكتب المتقدمة.
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»
الفهرست