بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ١٥٨
وفي قوله: أفرأيت الذي تولى ": ونزلت الآيات السبع في عثمان بن عفان كان يتصدق وينفق ماله، فقال له أخوه من الرضاعة عبد الله بن سعد بن أبي سرح: ما هذا الذي تصنع؟ يوشك أن لا يبقى لك شئ، فقال عثمان: إن لي ذنوبا وإني أطلب بما أصنع رضى الله وأرجو عفوه، فقال له عبد الله: أعطني ناقتك برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها، فأعطاه وأشهد عليه وأمسك عن الصدقة فنزلت: " أفرأيت الذي تولى " أي يوم أحد حين ترك المركز وأعطى قليلا ثم قطع نفقته. إلى قوله: " سوف يرى " فعاد عثمان إلى ما كان عليه، عن ابن عباس وجماعة من المفسرين.
وقيل: نزلت في الوليد بن المغيرة وكان قد اتبع رسول الله صلى الله عليه وآله على دينه فعيره المشركون وقالوا: تركت دين الأشياخ وضللتهم وزعمت أنهم في النار، قال:
إني خشيت عذاب الله، فضمن له الذي عاتبه إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه أن يتحمل عنه عذاب الله ففعل، فأعطى الذي عاتبه بعض ما كان ضمن له ثم بخل ومنعه تمام ما ضمن له، فنزلت: " أفرأيت الذي تولى " عن الايمان " وأعطى " صاحبه الضامن " قليلا وأكدى " أي بخل بالباقي، عن مجاهد وابن زيد.
وقيل: نزلت في العاص بن وائل السهمي وذلك أنه ربما كان يوافق رسول الله صلى الله عليه وآله في بعض الأمور، عن السدي، وقيل: نزلت في رجل قال لأهله: جهزوني حتى أنطلق إلى هذا الرجل - يريد النبي صلى الله عليه وآله - فتجهز وخرج فلقيه رجل من الكفار فقال له: أين تريد؟ فقال محمدا صلى الله عليه وآله لعلي أصيب من خيره، قال له الرجل: أعطني جهازك وأحمل عنك إثمك، عن عطاء بن يسار، وقيل: نزلت في أبي جهل وذلك أنه قال: والله ما يأمرنا محمد صلى الله عليه وآله إلا بمكارم الأخلاق فذلك قوله: " وأعطى قليلا وأكدى " أي لم يؤمن به، عن محمد بن كعب. (1) وقال البيضاوي في قوله تعالى: " ويقولوا سحر مستمر ": أي مطرد، وهو يدل على أنهم رأوا قبله آيات أخرى مترادفة حتى قالوا ذلك، أو محكم من المرة، (2)

(1) مجمع البيان 9: 178.
(2) في المصدر: أو محكم من المرة، يقال: امررته فاستمر: إذا أحكمته فاستحكم.
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست