بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٣٣٨
حالية، وسيأتي توجيهه ولكنه بعيد. وأما المعنى الخامس فهو الظاهر مما مر من الاخبار.
فاعلم أن العرش قد يطلق على الجسم العظيم الذي أحاط بسائر الجسمانيات، وقد يطلق على جميع المخلوقات، وقد يطلق على العلم أيضا كما وردت به الأخبار الكثيرة ، (1) وسيأتي تحقيقه في كتاب السماء والعالم.
فإذا عرفت هذا فإما أن يكون عليه السلام فسر العرش بمجموع الأشياء، وضمن الاستواء ما يتعدى بعلى، كالاستيلاء والاستعلاء والاشراف، فالمعنى: استوت نسبته إلى كل شئ حال كونه مستوليا عليها، أو فسره بالعلم ويكون متعلق الاستواء مقدرا أي تساوت نسبته من كل شئ حال كونه متمكنا على عرش العلم، فيكون إشارة إلى بيان نسبته تعالى وإنها بالعلم والإحاطة، أو المراد بالعرش عرش العظمة والجلال والقدرة كما فسر بها أيضا في بعض الأخبار أي استوى من كل شئ مع كونه في غاية العظمة ومتمكنا على عرش التقدس والجلالة، والحاصل أن علو قدره ليس مانعا من دنوه بالحفظ و التربية والإحاطة وكذا العكس، وعلى التقادير فقوله: استوى خبر، وقوله: على العرش حال، ويحتمل أن يكونا خبرين على بعض التقادير، ولا يبعد على الاحتمال الأول جعل قوله: على العرش متعلقا بالاستواء بأن تكون كلمة على بمعنى إلى، ويحتمل على تقدير حمل العرش على العلم أن يكون قوله: على العرش خبرا، وقوله: استوى حالا من العرش لكنه بعيد. وعلى التقادير يمكن أن يقال: إن النكتة في إيراد الرحمن بيان أن رحمانيته توجب استواء نسبته إيجادا وحفظا وتربية وعلما إلى الجميع بخلاف الرحيمية فإنها تقتضي إفاضة الهدايات الخاصة على المؤمنين فقط، وكذا كثير من أسمائه الحسنى تخص جماعة كما سيأتي تحقيقها. ويؤيد بعض الوجوه التي ذكرنا ما ذكره الصدوق رحمه الله في كتاب العقائد حيث قال: اعتقادنا في العرش أنه جملة جميع الخلق، والعرش

(1) قال الشيخ الطوسي قدس سره في كتابه التبيان ذيل قوله تعالى: " ثم استوى على العرش " في سورة يونس: قيل: إن العرش المذكور ههنا هو السماوات والأرض، لأنهن من بنائه، والعرش:
البناء، ومنه قوله: " يعرشون " أي يبنون، وأما العرش المعظم الذي تعبد الله الملائكة بالحفوف به والاعظام له وعناه بقوله: " الذين يحملون العرش ومن حوله " فهو غير هذا.
(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309