بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ٣٣٥
هو المسؤولون، ثم قيل لبني آدم: أقروا لله بالربوبية، ولهؤلاء النفر بالطاعة. فقالوا:
ربنا أقررنا. فقال للملائكة اشهدوا. فقالت الملائكة: شهدنا على أن لا يقولوا إنا كنا عن هذا غافلين، أو يقولوا: إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون. يا داود ولايتنا مؤكدة عليهم في الميثاق.
قال الصدوق رحمه الله في التوحيد: إن المشبهة تتعلق بقوله عز وجل: " إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار " ولا حجة لها في ذلك لأنه عز وجل عنى بقوله: استوى على العرش أي ثم نقل العرش إلى فوق السماوات وهو مستولى عليه ومالك له، فقوله عز وجل: " ثم " إنما هو لدفع العرش إلى مكانه الذي هو فيه، ونقله للاستواء، ولا يجوز أن يكون معنى قوله: استوى " استولى " لان الاستيلاء لله تعالى (1) على الملك وعلى الأشياء ليس هو بأمر حادث، بل كان لم يزل مالكا لكل شئ ومستوليا على كل شئ، وإنما ذكر عز وجل الاستواء بعد قوله: " ثم " وهو يعني الرفع مجازا، وهو كقوله: " ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين " فذكر " نعلم " مع قوله: " حتى " وهو عز وجل يعني: حتى يجاهد المجاهدون ونحن نعلم ذلك، لان حتى لا يقع إلا على فعل حادث وعلم الله عز وجل بالأشياء لا يكون حادثا، وكذلك ذكر قوله عز وجل: " استوى على العرش " بعد قوله " ثم " وهو يعني بذلك: ثم رفع العرش لاستيلائه عليه، ولم يعن بذلك الجلوس واعتدال البدن، لان الله لا يجوز أن يكون جسما ولا ذا بدن، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا (2)

(1) في نسخة: لان استيلاء الله تعالى.
(2) قال السيد الرضى قدس الله روحه في كتابه تلخيص البيان بعد قوله تعالى: " ثم استوى على العرش ": وهذه استعارة، لان حقيقة الاستواء إنما توصف بها الأجسام التي تعلو وتهبط وتميل وتعتدل والمراد بالاستواء ههنا الاستيلاء بالقدرة والسلطان، لا بحلول القرار والمكان، كما يقال: استوى فلان الملك على سرير ملكه بمعنى استولى على تدبير الملك، وملك معقد الأمر والنهي، ويحسن صفته بذلك وإن لم يكن له في الحقيقة سرير يقعد عليه، ولا مكان عال يشار إليه، وإنما المراد نفاذ أمره في مملكته، واستيلاء سلطانه على رعيته.
فان قيل: فالله سبحانه مستول على كل شئ بقهره وغلبته ونفاذ أمره وقدرته، فما معنى اختصاص العرش بالذكر ههنا؟ قيل: كما ثبت أنه تعالى رب لكل شئ، وقد قال في صفة نفسه: " رب العرش العظيم " وقال: " رب العرش الكريم ".
فان قيل: فما معنى قولنا: عرش الله إن لم يرد بذلك كونه عليه؟ قيل: كما يقال: بيت الله وان لم يرد كونه فيه، والعرش تطوف به الملائكة تعبدا، كما أن البيت في الأرض تطوف به الخلائق تعبدا.
(٣٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 329 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309