بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣ - الصفحة ١٧٧
مبني على أحد أمرين: الأول ما يحكم به الوجدان من أن العلم بدقائق حركات هذه الكواكب وخواص آثارها والمناسبة بينها وبين ما هي علامة لحدوثها لا يتأتى إلا لخالقها الذي جعلها كذلك، أو من ينتهي علمه إليه، ومعلوم أن ما هو الحق من هذه العلوم إنما وصل إلى الخلق من الأنبياء كما اعترفوا به، ولما لم يحيطوا بجميع ذلك وضاع عنهم بعض ما استفادوا من الأنبياء عليهم السلام أيضا فلذا ترى الرياضيين يتحيرون في بعض الحركات التي لا تستقيم على أصولهم، ويسمونها ما لا ينحل، وترى المنجمين يخطؤون في كثير من أحكامهم لذلك. ثم ذكر عليه السلام على سبيل التنزل أنه لو سلمنا أنه يمكن أن يتيسر ذلك لمخلوق من البشر فلا يتأتى ذلك إلا لمن كان معها في حركاتها و يعاشرها مدة طويلة ليعلم كيفية حركاتها وجرب بكثرة المعاشرة خواصها وآثارها.
والثاني: أن يكون المراد أنك إذا اعترفت أن كل الخلق يولدون بهذه النجوم فلا يكون أحد منهم علة لها ولآثارها لتقدمها عليهم، ولا شك في أنه لابد من حكيم عالم بجميع الأمور قادر عليها، أسس ذلك الأساس وبنى عليها تلك الآثار والأحكام التي أمكن للخلق بها استعلام ما لم يأت من الأمور، فقد أقررت بالصانع فهو أول عالم بهذا العلم لا الحكيم الذي تزعم أنه يولد بتلك النجوم. (1) ويحتمل أن يكون المقصود من الكلام الإشارة إلى كلا الدليلين كما لا يخفى بعد التأمل. قوله عليه السلام: مواضعها من السماء أي عند كونها فوق الأرض، ومواضعها تحت الأرض أي بعد غروبها واستتارها عنا بالأرض. قوله عليه السلام: إلا بمن في السماء أي بمن أحاط علمه وقدرته وحكمه بالسماء وما فيها. قوله عليه السلام: فأنا أقول قولك أي أنا أعتقد ما قلت من أن الحكماء الذين تزعمهم عالمين به لم يرقوا إلى السماء، أو أعتقد أنه لا يمكنهم أن يرقوا إلى السماء بأنفسهم بدون تعلق إرادة الرب تعالى به، ومع ذلك فإن سلمناه فلا يكفي محض الصعود للإحاطة بذلك. قوله عليه السلام: مع كل برج أي فيه أو بالحركة السريعة. قوله عليه السلام:
في ثلاثين سنة وهو زحل، وهو أبطأ السيارات، وإنما لم يتعرض عليه السلام للثوابت مع

(1) وبعبارة أخرى إنك بعد ما اعترفت بأن جميع الناس يولدون بهذه النجوم ولم يمكن أن يولد أحد من أهل الأرض الا بهذه النجوم لأنها علته، فقد اعترفت بأن واضع هذه النجوم غير أهل الدنيا لأنهم معلولون لها، وهذا تسليم واذعان منك بالصانع تعالى.
(١٧٧)
مفاتيح البحث: الأنبياء (ع) (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 ثواب الموحدين والعارفين، وبيان وجوب المعرفة وعلته، وبيان ما هو حق معرفته تعالى، وفيه 39 حديثا. 1
3 باب 2 علة احتجاب الله عز وجل عن خلقه، وفيه حديثان 15
4 باب 3 إثبات الصانع والاستدلال بعجائب صنعه على وجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته، وفيه 29 حديثا. 16
5 باب 4 توحيد المفضل. 57
6 باب 5 حديث الإهليلجية. 152
7 باب 6 التوحيد ونفي الشرك، ومعنى الواحد والأحد والصمد، وتفسير سورة التوحيد، وفيه 25 حديثا. 198
8 باب 7 عبادة الأصنام والكواكب والأشجار والنيرين وعلة حدوثها وعقاب من عبدها أو قرب إليها قربانا، وفيه 12 حديثا. 244
9 باب 8 نفي الولد والصاحبة، وفيه 3 أحاديث. 254
10 باب 9 النهي عن التفكر في ذات الله تعالى، والخوض في مسائل التوحيد، وإطلاق القول بأنه شيء، وفيه 32 حديثا. 257
11 باب 10 أدنى ما يجزي من المعرفة والتوحيد، وأنه لا يعرف الله إلا به، وفيه 9 أحاديث. 267
12 باب 11 الدين الحنيف والفطرة وصبغة الله والتعريف في الميثاق، وفيه 42 حديثا. 276
13 باب 12 إثبات قدمه تعالى وامتناع الزوال عليه وفيه 7 أحاديث. 283
14 باب 13 نفي الجسم والصورة والتشبيه والحلول والاتحاد، وأنه لا يدرك بالحواس والأوهام والعقول والأفهام، وفيه 47 حديثا. 287
15 باب 14 نفي الزمان والمكان والحركة والانتقال عنه تعالى، وتأويل الآيات والأخبار في ذلك، وفيه 47 حديثا. 309