بينا أنا نائم في الحجر (1) إذ رأيت رؤيا هالني أمرها، فأتيت كاهنة قريش وعلي مطرف (2) خز، وجمتي (3) تضرب منكبي، فلما نظرت إلي عرفت في وجهي التغير، فاستوت، وأنا يومئذ سيد قومي.
فقالت: ما شأن سيد العرب متغير اللون؟ هل رابه من حدثان الدهر ريب؟
فقلت: بلى، إني رأيت (4) وأنا نائم في الحجر، كأن شجرة نبتت على ظهري قد نال رأسها السماء، وضربت بأغصانها إلى الشرق والغرب.
ورأيت نورا يظهر منها أعظم من نور الشمس سبعين ضعفا (5).
ورأيت العرب والعجم ساجدة لها، وهي (6) كل يوم تزداد نورا وعظما.
ورأيت رهطا من قريش يريدون قطعها، فإذا دنوا منها أخذهم شاب من أحسن الناس وجها، وأنظفهم ثوبا فيكسر (7) ظهورهم ويقلع أعينهم، فرفعت يدي لآخذ (8) غصنا من أغصانها فصاح بي الشاب. وقال: مهلا، ليس لك فيها نصيب.
فقلت: لم ذلك والشجرة لي (9)؟ فقال: النصيب لهؤلاء الذين تعلقوا بها وستعود إليها. فانتبهت مرعوبا (10) فزعا متغير اللون، فرأيت لون الكاهنة قد تغير ثم قالت: لئن صدقت رؤياك ليخرجن من صلبك ولد يملك المشرق والمغرب