كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ٢٤٤
يلحق عمره هذا القدر اليوم ويزعمون ان هذه الزيادة على المائة والعشرين دلالة على بطلان مما نذهب إليه وسئلت في ايراد كلام عليهم يوهي عمدتهم ويبطل شبهتهم ويكون أصلا في يدك يتمسك به المستند إليك وانا مجيبك إلى ما سئلت وأبلغك منها ما طلبت بعون الله وحسن توفيقه (اعلم) أولا انه إذا وجبت الإمامة ووضحت الأدلة على اختصاصها بأئمتنا الاثني عشر عليهم السلام دون جميع الأمة فلا منصرف على القول بطول عمر امامنا وصاحب زماننا صلى الله عليه لأن الزمان لا يخلو من امام وقد مضى آباء صاحب الزمان عليهم السلام بلا خلاف ولم يبق من يستحق الإمامة سواه فإن لم يكن عمره ممتدا من وقت أبيه إلى أن يظهره الله سبحانه حصل الزمان خاليا من امام وهذا دليل مبني على ما قدمناه وبعد ذلك فإنه لا يصلح ان يكلمك في طول عمره عليه السلام من لا يقر بشريعته فاما من أقر بها وانكر جواز تراخي الأعمار وطولها فان القرآن يخصمه بما تضمنه من الخبر عن طول عمر نوح عليه السلام قال الله تعالى * (فلبث فيهم الف سنة إلا خمسين عاما) * العنكبوت ولا طريق إلى الانصراف عن ظاهر القرآن إلا ببرهان وقد أجمع المسلمون على بقاء الخضر عليه السلام من قبل زمان موسى عليه السلام إلى الان وان حياته متصلة إلى آخر الزمان وما أجمع عليه المسلمون فلا سبيل إلى دفعه بحال من الأحوال فإن قال لك الخصم هذان نبيان ويجوز ان يكون طول اعمارهما معجزا لهما وكرامة يميزان بها عن الأنام ولا يصح ان يكون هذا المعجز والاكرام للأنبياء عليهم السلام فقل له يفسد هذا عليك بما استقر عليه الاتفاق من بقاء إبليس اللعين من عهد آدم عليه السلام وقبل ذاك إلى الان وانه سيبقى إلى الوقت المعلوم كما نطق به القرآن وليس ذلك معجزا له ولا على سبيل الاكرام وإذ اشترك الولي والعدو في طول العمر علم أن السبب في ذلك غير ما ذكرت وانه لمصلحة لا يعلمها إلا الله تعالى دون العباد فإن أنكر الخصم إبليس وبقاءه خرج عن ظاهر الشريعة ودفع اجماع الأمة وان تأول ذلك طولب على صحة تأويله بالحجة ولو سلمت له طول العمر معجزا للمعمر واكراما ولم يذكر له إبليس وطول عمره على ممر الأزمان كان لك ان تقول ان حكم الامام عندنا كحكم النبي صلى الله عليه وآله في الاحتجاج و جواز ظهور المعجز والاكرام بما يتميز به عن الأنام فليس بمنكر ان يطيل الله تعالى عمره على سبيل المعجز والاكرام (واعلم) أيدك ان المخالفين لك في جواز امتداد الأعمار ممن يقر بالاسلام لا يكلمونك إلا
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»