أنها نعمة ولا تتم تلك المعرفة الا بان يعرف أن النعم كلها جليها وخفيها من الله تعالى وأنه المنعم الحقيقي وأن الأوساط كلها منقادون لحكمه مسخرون لامره. الثاني الحال التي هي ثمرة تلك المعرفة وهي الخضوع والتواضع والسرور بالنعم لا من حيث أنها موافقة لغرض النفس فان في ذلك متابعة لهواها واقتصار همه في رضاها، بل من حيث أنها هدية دالة على عناية المنعم بك وعلامة ذلك أن لا تفرح من الدنيا الا بما يوجب القرب منه، الثالث العمل الذي هو ثمرة تلك الحال فإن تلك الحال إذا حصلت في القلب حصل فيه نشاط للعمل الموجب للقرب منه، وهذا العمل يتعلق بالقلب واللسان والجوارح أما علم القلب فالقصد إلى تعظيمه وتحميده وتمجيده والتفكر في صنائعه وأفعاله وآثار لطفه والعزم على ايصال الخير والاحسان إلى كافة خلقه، وأما عمل اللسان فاظهار ذلك المقصود بالتحميد والتمجيد والتسبيح والتهليل والامر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى غير ذلك، وأما عمل الجوارح فاستعمال نعمه الظاهرة والباطنة في طاعته وعبادته والتوقى من الاستعانة بها في معصيته ومخالفته كاستعمال العين في مطالعة مصنوعاته ومشاهدة كتابه وعلاماته واستعمال الاذن في سماع براهينه وآياته وقس عليهما سائر الجوارج ومن ههنا ظهر أن الشكر من أشرف معارج السالكين وأعلى مدارج العارفين ولا يبلغ إليها إلا من ترك الدنيا وراء ظهره وهم قليلون ولذلك قال الله سبحانه (وقليل من عبادي الشكور).
(والمعافى الشاكر له الخ) المعافى اسم المفعول من عافاه الله إذا سلمه من الأسقام والبلايا والعافية اسم منه وهي أيضا مصدر على فاعلة.
(والمعطى الشاكر له من الاجر كاجر المحروم القانع) المعطى أيضا اسم مفعول وضمير «له» راجع إلى الاعطاء سواء كان من الله تعالى أو من غيره والقانع من القناعة وهي الرضا بما آتاه الله تعالى لا من القنوع وهو السؤال قال في المصباح قنع يقنع قنوعات سأل وفي التنزيل (وأطعموا القانع والمعتر) والقانع السائل الذي يطيف ولا يسأل. وقنعت به قنعا من باب تعب وقناعة رضيت به.
* الأصل به.
2 - وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما فتح الله على عبد باب شكر فخزن عنه باب الزيادة.
* الشرح:
قوله (ما فتح الله على عبد باب شكر فخزن عنه باب الزيادة) مثله في نهج البلاغة «ما كان الله ليفتح على عبد باب الشكر ويغلق عليه باب الزيادة» ودل عليه أيضا الآية الكريمة (ولئن شكرتم