شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٦ - الصفحة ٨٦
الخطاب لهم وللمؤمنين على سبيل التغليب يعني إن تنازعتم يا ولاة الأمر في شيء أو إن تنازعتم أيها المؤمنون وولاة الأمر في شيء فردوه إلى الله وإلى الرسول أي فارجعوا فيه إلى كتاب الله وإلى الرسول بالسؤال عنه في حياته والأخذ من سنته بعد موته، ووجه الرد أمران: أحدهما أن قوله تعالى (وإلى أولي الأمر منكم) كما أشار إليه (عليه السلام) بقوله «كذا نزلت» يدل على فساد هذين القولين وهو ظاهر، وثانيهما أن العقل يحكم بالضرورة بأنه لا معنى لأن يأمر الله تعالى المؤمنين بطاعة ولاة الأمر ثم يرخص ولاة الأمر في منازعة بعضهم بعضا في أمور الدين، أو يرخص المؤمنين في منازعة ولاة الأمر فيها، وهذا من أجلى الضروريات لا ينكره إلا مكابر أو مباهت.
قوله (إنما قيل ذلك للمأمورين) أي للمأمورين بطاعة أولي الأمر وفيه إشارة إلى أن الخطاب في قوله «ان تنازعتم» للمؤمنين المأمورين بطاعتهم، وأمرهم بالرجوع إلى ولاة الأمر عند التنازع على تقدير وجود «وإلى أولي الأمر منكم» في القرآن (1) كما أشار إليه (عليه السلام) ظاهر، وإما على تقدير

(١) قوله «على تقدير وجود وإلى أولي الأمر منكم» قد ظهر مما قلنا في الحاشية السابقة إن استدلال الإمام (عليه السلام) لا يتوقف على وجود كلمة أولي الأمر بعد قوله (فردوه إلى الله وإلى الرسول) وإن كان الخطاب في تنازعتم متوجها إلى أمراء الجنود والمأمورين معا أي إن تنازعتم أيها الأمراء والمأمورون في شيء فردوه إلى الله وإلى رسوله أي في عصر الرسول وبعده (صلى الله عليه وآله) والدليل إنما هو في ترخيص التنازع لا في مرجع التنازع إذ لا يتصور التنازع مع وجوب إطاعة أمراء الجنود فيدل على أن إطاعة أمراء الجنود ليست واجبة مطلقا فليسوا أولي الأمر إذ يجب إطاعة أولي الأمر مطلقا، وأما بعد ترخيص التنازع وأنه هل يرد إلى الله والرسول أو إلى غيرهما أيضا فلا دخل له في استدلال الإمام (عليه السلام) وكأن زيادة كلمة أولي الأمر من سهو النساخ أو بعض الرواة، ويمكن أن يقال: اتفق المسلمون على عدم وجوب إطاعة أحد غير الله ورسوله ممن لم يثبت عصمته لأن المسلمين جميعا نقلوا عن أبي بكر وعمر فتاوى في مسائل وخالفوهما ولم يروا قولهما حجة بل قالوا إنهما كانا مجتهدين يجوز أن يخطآ، يعلم ذلك المتتبع في أقوال الفقهاء وحينئذ فليس أحد ممن يجب إطاعته إلا معصوما باتفاق الفريقين، وهذا الدليل مرجعه إلى قياس استثنائي من شرطية متصلة ينتج من رفع التالي رفع المقدم هكذا لو كان الخلفاء وأمراء الجنود وأمثالهم من أولي الأمر لوجب إطاعتهم وهذه شرطية متصلة والتالي هو قولنا: لوجب طاعتهم فيرفع ويقال: لكن ليس يجب إطاعتهم، فينتج ليسوا من أولي الأمر، ويمكن أن يختلج في ذهن الناشئ إشكالان: الأول انا نقيد وجوب إطاعة أولي الأمر بما إذا أمروا بموافق الشرع لا إذا خالفوا وأمروا بما لا يوافق الشرع، الثاني إنا نقيد وجوب إطاعتهم بما استلزم عصيانهم الفساد ووقوع الفتن والهرج، والجواب عن الأول ان كل أحد أمر بموافق الشرع وجب إطاعته ولا يختص بأولي الأمر والمقصود هنا إطاعة أولي الأمر زائدا على إطاعة آحاد الناس، وعن الثاني إنا لا ننكر السكوت والتقية ومراعاة مصلحة العامة إذا استلزم مخالفة الإمام غير المعصوم الهرج والفتن وقتل المسلمين كما سكت أمير المؤمنين (عليه السلام) مع الخلفاء والحسن بن علي والحسين (عليهم السلام) مع معاوية وكذلك سائر أئمتنا مع خلفاء زمانهم وهذا لا يوجب كون إطاعتهم بعنوان أولي الأمر واجبا من عند الله تعالى، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) «أما حقي فقد تركته مخافة أن يرتد الناس» وصالح الإمامان مع معاوية حقنا لدماء الشيعة، فتأمل في ذلك وفي وجه استدلال الإمام (عليه السلام) بآية أولي الأمر وهذا يكفيك في إثبات إمامتهم إن شاء الله تعالى ومنه التوفيق. (ش)
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الحديث الثاني من باب شأن (إنا أنزلناه) 3
2 باب في أن الأئمة (عليهم السلام) يزدادون في ليلة الجمعة 24
3 باب لولا أن الأئمة (عليهم السلام) يزدادون لنفد ما عندهم 26
4 باب أن الأئمة (عليهم السلام) يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل (عليهم السلام) 28
5 باب نادر فيه ذكر الغيب 30
6 باب أن الأئمة إذا شاؤوا أن يعلموا علموا 36
7 باب أن الأئمة (عليهم السلام) يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم 37
8 باب أن الأئمة (عليهم السلام) يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم الشيء (عليهم السلام) 43
9 باب أن الله لم يعلم نبيه إلا أمره أن يعلمه أمير المؤمنين (عليه السلام) وأنه كان شريكه في العلم 48
10 باب جهات علوم الأئمة (عليهم السلام) 49
11 باب أن الأئمة (عليهم السلام) لو ستر عليهم لأخبروا كل امرئ بما له وعليه 51
12 باب التفويض إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإلى الأئمة (عليهم السلام) في أمر الدين 53
13 باب في أن الأئمة (عليهم السلام) بمن يشبهون ممن مضى، وكراهية القول فيهم بالنبوة 60
14 باب أن الأئمة (عليهم السلام) محدثون مفهمون 66
15 باب فيه ذكر الأرواح التي في الأئمة (عليهم السلام) 69
16 باب الروح التي يسدد الله بها الأئمة (عليهم السلام) 74
17 باب وقت ما يعلم الإمام جميع علم الإمام الذي كان قبله عليهم جميعا السلام 80
18 باب في أن الأئمة صلوات الله عليهم في العلم والشجاعة والطاعة سواء 82
19 باب أن الإمام (عليه السلام) يعرف الإمام الذي يكون من بعده وأن قول الله تعالى (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات) إلى أهلها، فيهم (عليهم السلام) نزلت 84
20 باب أن الإمامة عهد من الله عزوجل معهود من واحد إلى واحد (عليهم السلام) 89
21 باب أن الأئمة (عليهم السلام) لم يفعلوا شيئا ولا يفعلون إلا بعهد من الله عزوجل وأمر منه لا يتجاوزونه 92
22 باب الأمور التي توجب حجة الإمام (عليه السلام) 104
23 باب ثبات الإمامة في الأعقاب وأنها لا تعود في أخ ولا عم ولا غيرهما من القرابات 108
24 باب ما نص الله عزوجل ورسوله على الأئمة (عليهم السلام) واحدا فواحدا 109
25 باب الإشارة والنص على أمير المؤمنين (عليه السلام) 126
26 باب الإشارة والنص على الحسن بن علي (عليهما السلام) 148
27 باب الإشارة والنص على الحسين بن علي (عليهما السلام) 158
28 باب الإشارة والنص على علي بن الحسين (عليهما السلام) 168
29 باب الإشارة والنص على أبي جعفر (عليه السلام) 170
30 باب الإشارة والنص على أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) 172
31 باب الإشارة والنص على أبي الحسن موسى (عليه السلام) 175
32 باب الإشارة والنص على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) 182
33 باب الإشارة والنص على أبي جعفر الثاني (عليه السلام) 205
34 باب الإشارة والنص على أبي الحسن الثالث (عليه السلام) 214
35 باب الإشارة والنص على أبي محمد (عليه السلام) 219
36 باب الإشارة والنص إلى صاحب الدار (عليه السلام) 226
37 باب في تسمية من رأى القائم (عليه السلام) 230
38 باب في النهى عن الاسم 236
39 باب نادر في حال الغيبة 238
40 باب في الغيبة 249
41 باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر الإمامة 272
42 باب كراهية التوقيت 332
43 باب التمحيص والامتحان 337
44 باب إنه من عرف إمامه لم يضره تقدم هذا الأمر أو تأخر 342
45 باب من ادعى الإمامة وليس لها بأهل ومن جحد الأئمة أو بعضهم ومن أثبت الإمامة لمن ليس لها بأهل 345
46 باب فيمن دان الله عز وجل بغير إمام من الله جل جلاله 351
47 باب من مات وليس له إمام من أئمة الهدى، وهو من الباب الأول 354
48 باب فيمن عرف الحق من أهل البيت (عليهم السلام) ومن أنكر 357
49 باب ما يجب على الناس عند مضي الإمام (عليه السلام) 359
50 باب في أن الإمام متى يعلم أن الأمر قد صار إليه 366
51 باب حالات الأئمة (عليهم السلام) في السن 371
52 باب إن الإمام لا يغسله إلا إمام من الأئمة (عليهم السلام) 377
53 باب مواليد الأئمة (عليهم السلام) 380
54 باب خلق أبدان الأئمة وأرواحهم وقلوبهم (عليهم السلام) 393
55 باب التسليم وفضل المسلمين 401
56 باب أن الواجب على الناس بعدما يقضون مناسكهم أن يأتوا الإمام فيسألونه معالم دينهم ويعلمونهم ولايتهم ومودتهم له 407
57 باب أن الأئمة تدخل الملائكة بيوتهم وتطأ بسطهم وتأتيهم بالأخبار (عليهم السلام) 410
58 باب أن الجن يأتيهم فيسألونهم عن معالم دينهم ويتوجهون في أمورهم 413
59 باب في الأئمة (عليهم السلام) أنهم إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود وآل داود ولا يسألون البينة، عليهم السلام والرحمة والرضوان 419
60 باب أن مستقى العلم من بيت آل محمد (عليهم السلام) 422
61 باب أنه ليس شيء من الحق في يد الناس إلا ما خرج من عند الأئمة (عليهم السلام) وأن كل شيء لم يخرج من عندهم فهو باطل 426
62 فهرس الآيات 431