قوله (بتصديقي وتصديقكم) أي بتصديقي في الرسالة وصحة الولادة، ردا لليهود كما نطقت به سورة المائدة في قوله تعالى: (وإذ أوحينا إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا بالله واشهد بأننا مسلمون) إلى غير ذلك من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
قوله (وعذري وعذركم) أي بمحو إساءتي وإساءتكم وحقيقة عذرت عذرا محوت الإساءة وطمستها وفيه إشارة إلى أن الأنبياء وأمتهم يحتاجون إليه في نيل القرب ورفع الدرجة، أو المصدر وهو العذر بمعنى العاذر وهو الأثر، أي يجيء بأثري وأثركم أشار بذلك إلى قرب ظهوره وإلى أنه لا نبي بعده إلا هو (صلى الله عليه وآله).
قوله (جرت من بعده في الحواريين في المستحفظين) الظرف الأخير بدل مما قبله أو تفسير وبيان له وفاعل جرت الوصية المفهومة من الكلام السابق وحواريو النبي خلصانه وأنصاره أي الذين أخلصوا ونقوا من كل عيب.
قوله (وأنزلنا معهم الكتاب والميزان) الميزان ما يوزن به الشيء ويعرف به قدره، وشاع إطلاقه على هذا الذي له لسان وعمود وكفتان، والمراد به هنا إما هذا أو العدل أو الشريعة أو الكتاب على أن يكون العطف للتفسير.
قوله (وإنما عرف مما يدعى الكتاب التوراة والإنجيل والفرقان) يعني أن المعروف بين الناس مما يدعى باسم الكتاب السماوي في هذا العصر إنما هو هذه الثلاثة دون غيرها ولم يذكر الزبور لأنه غير معروف أيضا بينهم، وفي جملة الكتب السماوية كتاب نوح وكتاب صالح وكتاب شعيب وكتاب إبراهيم وكتاب داود ولم يذكره لكون اسمه غير معروف (1) بين الناس فقد أخبر الله تعالى أن هذا أي ما جاء به محمد (صلى الله عليه وآله) لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى فأين صحفهما وهل توجد عند غيره (صلى الله عليه وآله) وإنما صحفهما الاسم الأكبر الذي بلغ يدا عن يد وكابرا عن كابر إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وكان محفوظا عنده وهو دفعه عند انقضاء مدته إلى المستحفظين من عقبه. وبالجملة الكتب السماوية المشهورة وغيرها إذا حفظها الله تعالى بوضعها عند الحفظة حتى دفعوها إلى خاتم الأنبياء وجب أن لا يضيعها بعده بدفعها إلى خليفته وإذا لم تكن عند غير علي بن أبي طالب (عليه السلام) وجب أن تكون محفوظة عنده، يدل على ذلك أيضا ما روى عن أهل العصمة (عليهم السلام) من أن الله تعالى