وقال مالك: " الامر عندنا: أنه يقتل في العمد الرجال الأحرار بالرجل الحر الواحد، والنساء بالمرأة كذلك، والعبيد بالعبد كذلك أيضا. " وفي المسوى قال: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم. قالوا:
إذا اجتمع جماعة على قتل واحد، يقتلون به قصاصا.
وقد رأى هؤلاء الفقهاء أن ذلك هو المصلحة، لان القصاص شرع لحياة الأنفس، فلو لم تقتل الجماعة بالواحد، لكان كل من أراد أن يقتل غيره استعان بشركاء له حتى لا يقاد منه. وبذلك تبطل الحكمة من شرعية القصاص.
وذهب ابن الزبير، والزهري، وداود، وأهل الظاهر إلى أن الجماعة لا تقتل بالواحد، لان الله تعالى يقول: " أن النفس بالنفس ".
إذا أمسك رجل رجلا وقتله آخر:
وإذا أمسك رجل رجلا فقتله رجل آخر، وكان القاتل لا يمكنه قتله إلا بالامساك، وكان المقتول لا يقدر على الهرب بعد الامساك: فإنهما يقتلان، لأنهما شريكان. وهذا مذهب الليث، ومالك، والنخعي.
وخالف في ذلك الشافعية والأحناف. فقالوا: يقتل القاتل، ويحبس الممسك حتى يموت جزاء إمساكه للمقتول.
لما رواه الدارقطني عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا أمسك الرجل الرجل وقتله الآخر، يقتل الذي قتل، ويحبس الذي أمسك ".
وصححه ابن القطان. وقال الحافظ بن حجر: ورجاله ثقات.
وأخرج الشافعي عن علي أنه قضى في رجل قتل رجلا متعمدا وأمسكه آخر. قال:
" يقتل القاتل، ويحبس الآخر في السجن حتى يموت ".
ثبوت القصاص:
يثبت القصاص بما يأتي:
(أولا) بالاقرار، لان الاقرار كما يقولون: " سيد الأدلة ".