أين أخو المقتول؟ فقال هأنذا. قال خذها، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس لقاتل شئ ".
وخالف في ذلك الامام مالك، فرأى أنه يقاد الولد بالوالد، إذا أضجعه وذبحه، لان ذلك عمد حقيقة، لا يحتمل غيره، فإن الظاهر في استعمال الجارح في القتل هو العمد.
والعمدية أمر خفي، لا يحكم بإثباتها إلا بما يظهر من قرائن الأحوال، وأما إذا كان على غير هذه الصفة، فيما يحتمل عدم إزهاق الروح، بل قصد التأديب من الأب. وإن كان في حق غيره، يحكم فيه بالعمد. وإنما فرق بين الأب وغيره، لما للأب من الشفقة على ولده، وعليه قصد التأديب عند فعله ما يغضب الأب، فيحمل على عدم قصد القتل، لقوة المحبة التي بين الأب والابن.
6 - أن يكون المقتول مكافئا للقاتل حال جنايته، بأن يساويه في الدين، والحرية، فلا قصاص على مسلم قتل كافرا. أو حر قتل عبدا، لأنه لا تكافؤ بين القاتل والمقتول، بخلاف ما إذا قتل الكافر المسلم، أو قتل العبد الحر، فإنه يقتص منهما.
والاسلام وإن كان قد ألغى الفوارق بين المسلمين في هذا الباب، فلم يفرق بين شريف ووضيع، ولابين جميل ودميم، ولابين غني وفقير، ولا بين طويل وقصير، ولابين قوي وضعيف، ولابين سليم ومريض، ولابين كامل الجسم وناقصه، ولابين صغير وكبير ولا بين ذكر وأنثى (1) إلا أنه اعتبر الفارق بين المسلم والكافر، والحر والعبد، فلم يجعلهما متكافئين في الدم.
فلو قتل مسلم كافر أو قتل حر عبدا فلا قصاص على واحد منهما. وأصل ذلك حديث علي كرم الله وجهه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: