أحكام الجنائز - محمد ناصر الألباني - الصفحة ١٧٠
وأخرجه البخاري (4 / 158 - 159) ومسلم (3 / 156) والترمذي (2 / 42 - 43) وصححه، وابن ماجة (1 / 535) بنحوه، وفيه عندهم جميعا الزيادة الثانية، وعند مسلم الأخيرة.
الثالث: عنه أيضا.
(أن سعد بن عبادة رضي الله عنه استفتى رسول الله (ص) فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر؟ فقال: اقضه عنها).
أخرجه البخاري (5 / 400، 494) ومسلم (6 / 76) وأبو داود (2 / 81) والنسائي (2 / 130، 144) والترمذي (2 / 375) وصححه البيهقي (4 / 256، 6 / 278، 10 / 85) والطيالسي (2717) وأحمد (1893، 3049، 6 / 47) (1).

(1) قلت: وهذه الأحاديث صريحة الدلالة في مشروعية صيام الولي عن الميت صوم النذر، إلا أن الحديث الأول يدل بإطلاقه على شئ زائد على ذلك وهو أنه يصوم عنه صوم الفرض أيضا. وقد قال به الشافعية، وهو مذهب ابن حزم (7 / 2، 8) وغيرهم. وذهب إلى الأول الحنابلة، بل هو نص الإمام أحمد، فقال أبو داود في (المسائل) (96):
(سمعت أحمد بن حنبل قال: لا يصام عن الميت إلا في النذر).
وحمل أتباعه الحديث الأول على صوم النذر، بدليل ما روت عمرة: أن أمها ماتت وعليها من رمضان فقالت لعائشة: أقضيه عنها؟ قالت: لا بل تصدقي عنها مكان كل يوم نصف صاع على كل مسكين. أخرجه الطحاوي (3 / 142) وابن حزم (7 / 4) واللفظ له بإسناد قال ابن التركماني: (صحيح) وضعفه البيهقي ثم العسقلاني، فإن كانا أرادا تضعيفه من هذا الوجه، فلا وجه له، وإن عنيا غيره، فلا يضره، وبدليل ما روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: (إذا مرض الرجل في رمضان، ثم مات ولم يصم، أطعم عنه وثم يكن عليه قضاء وإن كان عليه نذر قضى عنه وليه). أخرجه أبو داود بسند صحيح على شرط الشيخين، وله طريق آخر بنحوه عند ابن حزم (7 / 7) وصحح إسناده. وله طريق ثالث عند الطحاوي (3 / 142)، لكن الظاهر أنه سقط من متنه شئ من الناسخ أو الطابع ففسد المعنى.
قلت: وهذا التفصيل الذي ذهبت إليه أم المؤمنين: وحبر الأمة أبن عباس رضي الله عنهما وتابعهما إمام السنة أحمد بن حنبل هو الذي تطمئن إليه النفس، وينشرح له الصدر، وهو أعدل الأقوال في هذه المسألة وأوسطها وفيه إعمال لجميع الأحاديث دون رد لأي واحد منها، مع الفهم الصحيح لها خاصة الحديث الأول منها، فلم تفهم منه أم المؤمنين ذلك الاطلاق الشامل لصوم رمضان، وهي راويته، ومن المقرر أن راوي الحديث أدرى بمعنى ما روى، لا سيما إذا كان ما فهم هو الموافق لقواعد الشريعة وأصولها، كما هو الشأن هنا، وقد بين ذلك المحقق ابن القيم رحمه الله تعالى، فقال في (إعلام الموقعين) (3 / 554) بعد أن ذكر الحديث وصححه:
(فطائفة حملت هذا على عمومه وإطلاقه، وقالت: يصام عنه النذر والفرض. وأبت طائفة ذلك وقالت:
لا يصام عنه نذر ولا فرض، وفصلت طائفة فقالت: يصام عنه النذر دون الفرض الأصلي. وهذا قول ابن عباس وأصحابه، وهو الصحيح، لان فرض الصيام جار مجرى الصلاة، فكما لا يصلي أحد عن أحد، ولا يسلم أحد عن أحد فكذلك الصيام، وأما النذر فهو التزام في الذمة بمنزلة الدين، فيقبل قضاء الولي له كما يقضي دينه، وهذا محض الفقه. وطرد هذا أنه لا يحج عنه، ولا يزكي عنه إلا إذا كان معذورا بالتأخير كما يطعم الولي عمن أفطر في رمضان لعذر، فأما المفر من غير عذر أصلا فلا ينفعه أداء غيره لفرائض الله التي فرط فيها، وكان هو المأمور بها ابتلاء وامتحانا دون الولي، فلا تنفع توبة أحد عن أحد، ولا إسلامه عنه، ولا أداء الصلاة عنه ولا غيرها من فرائض الله تعالى التي فرط فيها حتى مات).
قلت:: وقد زاد ابن القيم رحمه الله هذا البحث توضيحا وتحقيقا في (تهذيب السنن) (3 / 279 - 282) فليراجع فإنه مهم.
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - ما يجب على المريض 3
2 تحقيق أن الناسخ للوصية للوالدين إنما هو القرآن والسنة مبينة له. 7
3 2 - تلقين المحتضر 3 - ما على الحاضرين بعد موته 12
4 بيان ضعف حديث قراءة فاتحة البقرة عند رأس الميت وخاتمتها عند رجليه والرد على من حسنه. 13
5 تحقيق أن الميت ينتفع بقضاء الدين عنه ولو من غير ولده بخلاف التصدق عنه 17
6 4 - ما يجوز للحاضرين وغيرهم 20
7 5 - ما يجب على أقارب الميت 22
8 6 - ما يحرم على أقارب الميت 27
9 تحقيق المراد من البكاء والعذاب في حديث ((الميت يعذب ببكاء أهله عليه)) وتخريجه. 28
10 7 - النعي الجائز 32
11 8 - علامات حسن الخاتمة 34
12 9 - ثناء الناس على الميت 44
13 10 - غسل الميت 47
14 11 - تكفين الميت 57
15 التوفيق بين حديث الامر بتكفين الميت في الثياب البياض، والامر بتكفينه في ثوب حبرة. 63
16 12 - حمل الجنازة واتباعها 66
17 كلام النووي في أن الصواب السكوت مع الجنازة، وأن رفع الصوت أمامها بالقراءة مع التمطيط حرام. 71
18 13 - الصلاة على الجنازة 79
19 تحقيق أنه لم يصح في صلاة النبي (ص) على ابنه إبراهيم حديث، وأنه ثبت خلافه. 80
20 كلام ابن القيم في تحقيق الصواب في الصلاة على الشهداء. 83
21 من هم المنافقون الذين تحرم الصلاة عليهم؟ 93
22 لماذا لم يأخذ (ص) بقول عمر في ابن أبي بن سلول: أنه منافق، وصلى عليه؟ 94
23 تحقيق أن استغفار إبراهيم لأبيه كان بعد وفاته وأنه لم يتبين له أنه عدو لله إلا بعد الوفاة. 96
24 خطأ بعض المسلمين الذين يترحمون على بعض الكفار! 97
25 شيء من ترجمة سعيد بن العاص. 100
26 تحقيق ثبوت حديث تقديم الحسين لسعيد بن العاص للصلاة على أخيه الحسن رضي الله عنهما والرد على من ضعف إسناده. 101
27 إغفال بعض فقهاء الشافعية سنية الصلاة على الجنائز في المصلى. 107
28 ذكر حديث أنس في: أن السنة أن يقوم الامام في الصلاة على الميت عند رأسه إذا كان رجلا، ووسطه إذا كان امرأة، وتحقيق بطلان الرواية التي تعلل الوقوف وسطها ليسترها من القوم والرد على الحنفية الذين تمسكوا بها! 109
29 آثار صحيحة في التكبير على الجنازة بأكثر من أربع، وأن أكثر ما ثبت في السنة تسع تكبيرات. 114
30 الرد على المانعين من الزيادة على الأربع بدعوى النسخ. 115
31 عدم مشروعية الرفع في غير التكبيرة الأولى في الجنازة خلافا لأبي حنيفة! 116
32 عدم مشروعية دعاء الاستفتاح في الجنازة. 119
33 الرد على الحنفية في قولهم بعدم مشروعية القراءة على الجنازة مع ثبوتها في السنة والرد على من نفى ذلك منهم، وبيان تناقضه. 120
34 السنة أن يسلم الامام في الجنازة سرا. 129
35 تحقيق أنه لا تجوز الصلاة على الجنازة في الأوقات المكروهة، والرد على من ادعى جوازها إجماعا! 130
36 14 - الدفن وتوابعه 132
37 حديث في أبي طالب، ووصف علي إياه ب‍ (الضال)! 134
38 بيان بطلان تأويل النهي عن دفن الميت في الأوقات الثلاثة بأن المراد النهي عن الصلاة على الجنازة فيها! 139
39 ذكر حديث الزجر أنه يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه، وإيراد اشكال حوله والجواب عنه. 140
40 حديث صحيح لم يرد له ذكر ولا لحكمه في كتب الفقه لا نفيا ولا إثباتا!! 150
41 غمز الشافعي لرأي لأبي حنيفة مخالف للسنة وذكر حديث استدل به ابن الهمام محسنا وبيان ضعفه وجوابه عن مخالفة الصحيح والرد عليه. 150
42 حديث استدل به على قراءة آية (منها خلقناكم...) في الحثيات الثلاثة على القبر وبيان أنه لا يدل على ذلك، وأن إسناده ضعيف جدا وخطأ النووي في بعض إسناده وقوله: إنه يعمل به لأنه في فضائل الاعمال والرد عليه. 153
43 ضعف حديث تلقين الميت بعد الدفن، وبيان أنه بدعة. 155
44 حديث عظيم فيه وصف حالة المحتضر وبعد خروج روحه مسلما كان أو كافرا وكيف يستقبل الملائكة روحهما، ثم تعاد إلى الجسد، وسؤال الملكين في القبر. 156
45 15 - التعزية 162
46 نص الشافعي وغيره على كراهة الاجتماع للتعزية. 167
47 مشروعية صيام الولي عن الميت وذكر المذاهب في ذلك وبيان الراجح منها. 170
48 تحقيق أن الصدقة وغيرها يصل ثوابها إلى الوالد من ولده، لا من غيره والنظر في الاجماع المدعى على خلافه وبيان أن كثيرا من المسائل التي نقلوا الاجماع فيها فالخلاف فيها معروف! 173
49 إبطال قياس غير الوالد على الوالد من وجوه ثلاثة، وبيان أن السلف لم يكونوا يهدون ثواب عباداتهم إلى الأموات كما نقله ابن تيمية والرد عليه في قوله الاخر الذي استغله المبتدعة وبيان أثر مثل هذا القول على من يحمله 174
50 قول الخطابي في الحج عن الميت. 176
51 زيارة القبور. 178
52 حديث عائشة في زيارتها قبر أخيها بعد وفاة النبي (ص)، وقولها: إنه (ص) أمر بها بعد أن نهى عنها، والرد على ابن القيم في غمزه إياه. 181
53 حديث آخر لها في تعليم الرسول إياها ما تقول إذا زارت القبور. 182
54 استدلال الحافظ به على جواز زيارة النساء للقبور وبيان ذلك، وذكر حديث استدل به بعض المعاصرين ولا أصل له، وآخر منكر جدا سكت عليه الحافظ وتابعه عليه الشوكاني ومن قبله الصنعاني. 183
55 حديث من ((زار قبر الوالدين أو أحدهما...)) سكت عليه الصنعاني أيضا وهو موضوع! 187
56 كراهة أبي حنيفة وغيره القراءة في المقابر والدليل عليها. 191
57 قصة رجوع أحمد عن قوله: بأن القراءة عند القبر بدعة، وبيان أنها لا تصح. 192
58 حديث ((من مر بالمقابر فقرأ (قل هو الله أحد)...) موضوع وبيانه. 193
59 حديث ابن عباس في وضعه (ص) شقي جريدة النخل على القبرين وبيان أن لا حجة فيه على وضع الآس ونحوه على القبور، من وجوه. 200
60 ذكر آثار عن بعض الصحابة في وضعهم الجريد في القبر، والجواب عنها. 202
61 كلام النووي وابن تيمية في ذم الذبح عند القبر. 203
62 كلام الشوكاني في ذم رفع القبر والبناء عليه وما نشأ عنه من المفاسد. 207
63 كلام ابن حزم في الرد على أبي حنيفة في كراهته صلاة الجنازة على القبر والرد على ابن حزم في قوله بجواز صلاة الجنازة في المقبرة! 214
64 صيغة سلام عند دخول المسجد ذكرها ابن تيمية ولم أرها في الأحاديث. 221
65 مذهب الحنابلة في شق بطن الحامل إذا ماتت من أجل جنينها ومناقشة السيد رشيد رضا إياه وبيان الحق في ذلك. 234
66 بدع الجنائز 239
67 مقدمة البدع، وذكر القواعد التي بني عليها هذا الفصل. 241
68 قبل الوفاة 243
69 بعد الوفاة 244
70 غسل الميت 247
71 الكفن والخروج بالجنازة 248
72 حديث تباهي الموتى بأكفانهم، وبيان ضعفه. 248
73 حديث من حمل جنازة أربعين خطوة، وبيان أنه لا يصح. 249
74 الصلاة عليها 252
75 الدفن وتوابعه 253
76 التعزية وملحقاتها 255
77 زيارة القبور 258
78 حديث من دخل المقابر فقرأ (يس)... إسناده هالك! 259
79 بدعية السلام على القبور بلفظ ((عليكم السلام)) وشبهة القائل بها ودحضها 259
80 تسمية من يزور القبور حاجا! 260
81 التوجه إلى القبر الشريف عند دخول المسجد والقيام فيه بعيدا..! 266
82 قصة أمر السيدة عائشة بفتح كوة فوق قبره (ص) لا تصح. 267