لا يجوز، فأشار إلى تحريمه وهو الأظهر: لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعن فاعله واللعن يقتضي التحريم. وأما وسم غير الوجه من غير الآدمي فجائز بلا خلاف عندنا، لكن يستحب في نعم الزكاة والجزية ولا يستحب في غيرها ولا ينهى عنه. قال أهل اللغة: الوسم أثر الكية، وقد وسمه يسمه وسما وسمة. والميسم الشئ الذي يسم به وهو بكسر الميم وفتح السين وجمعه مياسيم ومواسم، وأصله كله من السمة وهي العلامة، ومنه موسم الحج أي معلم يجمع الناس، وفلان موسوم بالخير، وعليه سمة الخير أي علامته، وتوسمت فيه كذا أي رأيت فيه علامته. قوله: في جاعرتيه بالجيم والعين المهملة بعدها راء مهملة. والجاعرتان حرفا الورك المشرفان مما يلي الدبر. قال النووي: وأما القائل فوالله لا أسمه إلا في أقصى شئ من الوجه فقد قال القاضي عياض: هو العباس بن عبد المطلب كذا ذكره في سنن أبي داود، وكذا صرح به في رواية البخاري في تاريخه. قال القاضي وهو في كتاب مسلم مستشكل يوهم أنه من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم. والصواب أنه من قول العباس كما ذكرناه. قال النووي: ليس هو بظاهر فيه، بل ظاهره أنه من كلام ابن عباس، وحينئذ فيجوز أن تكون القضية جرت للعباس ولابنه. قال النووي: يستحب أن يسم الغنم في آذانها والإبل والبقر في أصول أفخاذها، لأنه موضع صلب فيقل الألم فيه ويخف شعره فيظهر الوسم، وفائدة الوسم تمييز الحيوان بعضه من بعض.
ويستحب أن يكتب في ماشية الجزية جزية أو صغار، وفي ماشية الزكاة زكاة أو صدقة. قال الشافعي وأصحابه: يستحب كون ميسم الغنم ألطف من ميسم البقر، والبقر ألطف من ميسم الإبل. وحكى الاستحباب النووي عن الصحابة كلهم وجماهير العلماء بعدهم. ونقل ابن الصباغ وغيره إجماع الصحابة عليه. وقال أبو حنيفة:
هو مكروه، لأنه تعذيب ومثلة وقد نهي عن المثلة، وحجة الجمهور هذه الأحاديث وغيرها. والجواب عن النهي عن المثلة والتعذيب أنه عام وحديث الوسم خاص فوجب تقديمه كما تقرر في الأصول.