لم يفرق النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ لم يكن قد نزل تحريم نكاح المسلمة على الكافر، فلما نزل قوله تعالى: * (لا هن حل لهم) * (سورة الممتحنة، الآية: 10) الآية أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ابنته أن تعتد، فوصل أبو العاص مسلما قبل انقضاء العدة، فقررها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالنكاح الأول فيندفع الاشكال. قال ابن عبد البر: وحديث عمرو بن شعيب تعضده الأصول، وقد صرح فيه بوقوع عقد جديد، والاخذ بالصريح أولى من الاخذ بالمحتمل، ويؤيده مخالفة ابن عباس لما رواه كما حكى ذلك عنه البخاري. قال الحافظ: وأحسن المسالك في تقرير الحديثين ترجيح حديث ابن عباس كما رجحه الأئمة وحمله على تطاول العدة فيما بين نزول آية التحريم وإسلام أبي العاص ولا مانع من ذلك، وأغرب ابن حزم فقال: إن قوله ردها إليه بعد كذا مراده جمع بينهما، وإلا فإسلام أبي العاص كان قبل الحديبية وذلك قبل أن ينزل تحريم المسلمة على المشرك هكذا زعم. قال الحافظ: وهو مخالف لما أطبق عليه أهل المغازي أن إسلامه كان بعد نزول آية التحريم. وقال ابن القيم في الهدى ما محصله:
أن اعتبار العدة لم يعرف في شئ من الأحاديث، ولا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسأل المرأة هل انقضت عدتها أم لا، ولو كان الاسلام بمجرده فرقة لكانت طلقة بائنة ولا رجعة فيها، فلا يكون الزوج أحق بما إذا أسلم، وقد دل حكمه صلى الله عليه وآله وسلم أن النكاح موقوف، فإن أسلم الزوج قبل انقضاء العدة فهي زوجته، وإن انقضت عدتها فلها أن تنكح من شاءت، وإن أحبت انتظرته، وإذا أسلم كانت زوجته من غير حاجة إلى تجديد نكاح، قال: ولا نعلم أحدا جدد بعد الاسلام نكاحه البتة، بل كان الواقع أحد الامرين: إما افتراقهما ونكاحها غيره، وإما بقاؤهما على النكاح الأول إذا أسلم الزوج، وأما تنجيز الفرقة أو مراعاة العدة ولم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قضى بواحد منهما مع كثرة من أسلم في عهده، وهذا كلام في غاية الحسن والمتانة، قال: وهذا اختيار الخلال وأبي بكر صاحبه وابن المنذر وابن حزم، وهو مذهب الحسن وطاوس وعكرمة وقتادة والحكم. قال ابن حزم: وهو قول عمر بن الخطاب وجابر بن عبد الله وابن عباس ثم عد آخرين، وقد ذهب إلى أن المرأة إذا أسلمت قبل زوجها لم تخطب حتى تحيض وتطهر ابن عباس وعطاء وطاوس والثوري وفقهاء الكوفة، ووافقهم أبو ثور، واختاره ابن المنذر، وإليه جنح