حاشية رد المحتار - ابن عابدين - ج ٦ - الصفحة ٦٨٩
الافضاء إلى المحرم أقوى من المتحقق في جانب واحد اه‍. قوله: (والذمية) محترز قوله المسلمة. قوله: (فلا تنظر إلخ) قال في غاية البيان: وقوله تعالى: * (أو نسائهن) * (النور: 31) أي الحرائر المسلمات، لأنه ليس للمؤمنة أن تتجرد بين يدي مشركة أو كتابية اه‍. ونقله في العناية وغيرها عن ابن عباس، فهو تفسير مأثور. وفي شرح الأستاذ عبد الغني النابلسي على هدية ابن العماد عن شرح والده الشيخ إسماعيل على الدرر والغرر: لا يحل للمسلمة أن تنكشف بين يدي يهودية أو نصرانية أو مشركة، إلا أن تكون أمة لها كما في السراج، ونصاب الاحتساب، ولا ينبغي للمرأة الصالحة أن تنظر إليها المرأة الفاجرة لأنها تصفها عند الرجال، فلا تضع جلبابها ولا خمارها كما في السراج اه‍. قوله: (وشعر رأسها) والأولى تأخيره عما بعده ليكون نصا في عود الضمير إلى الحرة. قوله: (وعظم ذراع حرة ميتة) احتراز بالذراع عن عظم الكف والوجه مما يحل النظر إليه في الحياة، وقيد بالحرة لان ذراع الأمة يحل بالنظر إليه في حياتها، بخلاف نحو عظم ظهرها.
تنبيهات الأول: ذكر بعض الشافعية أنه لو أبين شعر الأمة ثم عتقت لم يحرم النظر إليه، لان العتق لا يتعدى إلى المنفصل اه‍. ولم أره لائمتنا، وكذا لم أر ما لو كان المنفصل من حرمة أجنبية ثم تزوجها، ومقتضى ما ذكر من التعليل حرمة النظر إليه، وقد يقال: إذا حل له جميع ما اتصل بها فحل المنفصل بالأولى، وإن كان منفصلا قبل زمن الحل، والله تعالى أعلم.
الثاني: لم أر ما لو نظر إلى الأجنبية من المرآة أو الماء، وقد صرحوا في حرمة المصاهرة بأنها لا تثبت برؤية فرج من مرآة أو ماء، لان المرئي مثاله لا عينه، بخلاف ما لو نظر من زجاج أو ماء هي فيه، لان البصر ينفذ في الزجاج والماء فيرى ما فيه، ومفاد هذا أنه لا يحرم نظر الأجنبية من المرآة أو الماء، إلا أن يفرق بأن حرمة المصاهرة بالنظر ونحوه شدد في شروطها، لأنه الأصل فيها الحل، بخلاف النظر لأنه إنما منع منه خشية الفتنة والشهوة، وذلك موجود هنا. ورأيت في فتاوى ابن حجر من الشافعية ذكر فيه خلافا بينهم ورجح الحرمة بنحو ما قلناه، والله أعلم.
الثالث: ذكر بعض الشافعية أنه كما يحرم النظر لما لا يحل يحرم التفكر فيه قوله تعالى: * (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) * (النساء: 32) فمنع من التمني كما منع من النظر، وذكر العلامة ابن حجر في التحفة أنه ليس منه ما لو وطئ حليلته متفكرا في محاسن أجنبية حتى خيل إليه أنه يطؤها، ونقل عن جماعة منهم الجلال السيوطي والتقي السبكي أنه يحل لحديث: إن الله تجاوز لامتي ما حدثت به نفسها ولا يلزم من تخيله ذلك عزمه على الزنا بها، حتى يأثم إذا صمم على ذلك لو ظفر بها، وإنما اللازم فرض موطوءته تلك الحسناء. وقيل ينبغي كراهة ذلك، ورد بأن الكراهة لا بد لها من دليل. وقال ابن الحاج المالكي: إنه يحرم لأنه نوع من الزنا كما قال علماؤنا فيمن أخذ كوزا يشرب منه فتصور بين عينيه أنه خمر فشربه أن ذلك الماء يصير حراما عليه اه‍. ورد بأنه في غاية البعد ولا دليل عليه اه‍ ملخصا. ولم أر من تعرض للمسألة عندنا، وإنما قال في الدرر: إذا شرب الماء وغيره من المباحات بلهو وطرب على هيئة الفسقة حرم اه‍. والأقرب لقواعد مذهبنا عدم الحل، لان تصور تلك الأجنبية بين يديه يطؤها فيه تصوير مباشرة المعصية على هيئتها، فهو نظير مسألة الشرب،
(٦٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 684 685 686 687 688 689 690 691 692 693 694 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الشهادات 3
2 باب القبول وعدمه 15
3 باب الاختلاف في الشهادة 37
4 باب الشهادة على الشهادة 44
5 باب الرجوع عن الشهادة 50
6 كتاب الوكالة 56
7 باب الوكالة بالبيع والشراء 63
8 باب الوكالة بالخصومة والقبض 78
9 باب عزل الوكيل 86
10 كتاب الدعوى 92
11 باب التحالف 111
12 باب دعوى الرجلين 123
13 باب دعوى النسب 135
14 كتاب الاقرار 144
15 باب الاستثناء وما معناه 162
16 باب إقرار المريض 167
17 فصل في مسائل شتى 179
18 كتاب الصلح 188
19 كتاب المضاربة 208
20 باب المضارب يضارب 215
21 كتاب الايداع 227
22 كتاب العارية 243
23 كتاب الهبة 255
24 باب الرجوع في الهبة 268
25 كتاب الإجارة 283
26 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها أي في الإجارة 309
27 باب الإجارة الفاسدة 328
28 باب ضمان الأجير 348
29 باب فسخ الإجارة 362
30 مسائل شتى 375
31 كتاب المكاتب 386
32 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله 391
33 باب كتاب العبد المشترك 400
34 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 402
35 كتاب الولاء 410
36 كتاب الاكراه 420
37 كتاب الحجر 436
38 كتاب المأذون 450
39 كتاب الغصب 475
40 كتاب الغصب 475
41 كتاب الشفعة 518
42 باب طلب الشفعة 526
43 باب ما تثبت هي فيه أو لا تثبت 540
44 باب ما يبطلها 544
45 كتاب القسمة 559
46 كتاب المزارعة 582
47 كتاب الذبائح 604
48 كتاب الأضحية 624
49 كتاب الحظر والإباحة 651
50 باب الاستبراء وغيره 691
51 كتاب إحياء الموات 754