تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٢ - الصفحة ١٤١
باب الحجر
____________________
نفسه حيث لا يحل له قتلها لأن الأطراف يسلك بها مسلك الأموال في حق صاحب الظرف حتى يحل له قطعها إذا أصابتها أكلة. ولو أكره على أن يلقي نفسه في النار أو على الالقاء من الجبل بالقتل وكان الالقاء بحيث لا ينجو ولكن فيه نوع تخفيف فله الخيار إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل عند الامام، فلو ألقى نفسه في النار فاحترق فعلى المكره القصاص، وعندهما لا يصبر ولا يفعل. ولو قال له لتلقين نفسك من رأس الجبل أو لأقتلنك بالسيف فألقى نفسه فمات فعند أبي حنيفة تجب الدية على عاقلة المكره لأنه لو باشر لا يجب عليه القصاص لأنه قتل بالمثقل بل فيه الدية على العاقلة فكذا إذا أكره عليه. وعند الثاني تجب الدية على المكره في ماله. وعند محمد يجب القصاص. ولو قال لآخر اقتلني تجب الدية في ماله في الصحيح. ولو أكرهت المرأة على التزويج بمهر فيه غبن فاحش ثم زال الاكراه فرضيت المرأة ولم يرض الولي فللولي الفراق عند أبي حنيفة أو يتم مهر المثل. وقالا: ليس له ذلك لأن المهر خالص حقها حتى تملك إسقاطه والله تعالى أعلم بالصواب.
باب الحجر أورد الحجر عقيب الاكراه لأن في كل واحد منهما سلب ولاية المختار عن الجري على موجب الاختيار إلا أن الاكراه لما كان أقوى تأثيرا لأن فيه سلبها عمن له اختيار صحيح وولاية كاملة بخلاف الحجر. والحجر في اللغة المنع من قولك حجر عليه القاضي يحجر حجرا إذا منعه من التصرف في ماله ولهذا سمي الحطيم حجرا لأنه منع من البيت، ومنه قوله تعالى * (هل في ذلك قسم لذي حجر) * (الفجر: 5) أي لذي عقل. وفي الشرع عبارة عن مبيع مخصوص في حق شخص مخصوص وهو الصغير والرقيق والمجنون وهذه الثلاثة سبب الحجر، وألحق بهذه الثلاثة ثلاثة أخر المفتي الماجن والطبيب الجاهلي والمكاري المفلس.
ومن محاسن الحجر أن فيه شفقة على خلق الله وهي أحد طرفي الديانة والآخر التعظيم لأمر الله، وتحقيق ذلك أن الله تعالى خلق الورى وفرق بينهم في النهى فجعل بعضهم أولي النهي والرأي ومنهم أعلام الهدى ومصابيح الدجى، وبعضهم مبتلى بأساليب الردى فيما يرجع إلى المعاملات كالمجنون والمعتوه والرقيق والصغير، وركب الله في البشر العقل والهوى، وركب في الملائكة العقل دون الهوى، وركب في البهائم الهوى دون العقل، فمن غلب عقله على هوائه كان من أفضل الخلق، ومن غلب هواه على عقله كان أردى من البهائم. ودليله ما روي أنه عليه الصلاة والسلام حجر على معاذ وقسم ماله لغرمائه ولان تصرفه لا يشمل توفير النظر والمصلحة فلذا يحجر عليه. قال رحمه الله: (هو منع عن التصرف
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 135 139 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الإجارة 3
2 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها 16
3 باب الإجارة الفاسدة 28
4 باب ضمان الأجير 46
5 باب فسخ الإجارة 61
6 كتاب المكاتب كتاب المكاتب 71
7 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله وما لا يجوز 81
8 باب كتابة العبد المشترك 101
9 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 107
10 كتاب الولاء كتاب الولاء 116
11 كتاب الاكراه كتاب الاكراه 127
12 باب الحجر 141
13 كتاب المأذون كتاب المأذون 155
14 كتاب الغصب كتاب الغصب 196
15 كتاب الشفعة كتاب الشفعة 228
16 باب طلب 233
17 باب ما يجب فيه الشفعة وما لم يجب 249
18 باب ما تبطل في الشفعة 254
19 كتاب القسمة كتاب القسمة 267
20 كتاب المزارعة كتاب المزارع 289
21 كتاب المساقاة كتاب المساقاة 298
22 كتاب الذبائح كتاب الذبائح 305
23 كتاب الأضحية كتاب الأضحية 317
24 كتاب الكراهية كتاب الكراهية 330
25 فصل في الأكل والشرب 335
26 فصل في اللبس 347
27 فصل في النظر واللمس 351
28 فصل في الاستبراء وغيره 359
29 فصل في البيع 365
30 كتاب إحياء الموات كتاب إحياء الموات 385
31 كتاب الأشربة كتاب الأشربة 399
32 كتاب الصيد كتاب الصيد 406
33 كتاب الرهن كتاب الرهن 427
34 باب ما يجوز ارتهانه والارتهان به وما لا يجوز 445
35 باب الرهن يوضع على يد عدل 468
36 باب التصرف في الرهن والجناية عليه وجنايته على غيره 480