البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٣٩٠
المريض ذلك منهم والغرماء غيب لم يصح، ولو قالوا ذلك بعد موته صحت الكفالة، وروي عن أبي حنيفة جواز كفالتهم في مرضه وإن لم يطلب المريض منهم ذلك، كذا في السراج الوهاج والخانية. وفي البدائع: وأما مسألة المريض فقد قال بعض مشايخنا: إن جواز الضمان بطريق الايصاء بالقضاء عنه بعد موته لا بطريق الكفالة، وبعضهم أجازوه على سبيل الكفالة.
ووجه ما أشار إليه أبو حنيفة في الأصل وقال هو بمنزلة المعبر عن غرمائه وشرح هذه الإشارة والله أعلم أن المريض مرض الموت يتعلق الدين بماله ويصير بمنزلة الأجنبي عنه حتى لا ينفذ منه التصرف المبطل لحق الغريم، ولو قال أجنبي للورثة اضمنوا الغرماء فلان عنه فقالوا ضمنا يكتفي به فكذا المريض اه‍.
قوله: (وعن ميت مفلس) أي وبطلت الكفالة عن ميت مفلس وهذا عند أبي حنيفة.
وقالا. صحيحة لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بجنازة رجل من الأنصار فسأل هل عليه دين؟ قالوا: نعم درهمان أو ديناران فامتنع من الصلاة فقال: صلوا على أخيكم. فقام أبو قتادة فقال: هما علي يا رسول الله فصلى عليه. ولأنه كفل بدين ثابت لأنه وجب لحق الطالب ولم يوجد المسقط ولهذا يبقى في حق أحكام الآخرة.، ولو تبرع به انسان يصح ولذا يبقى إذا كان به كفيل. وله أنه كفل بدين ساقط لأن الدين هو الفعل حقيقة ولهذا يوصف بالوجوب لأنه في الحكم مال لأنه يؤول إليه في المآل وقد عجز بنفسه وبخلفه ففات عاقبة الاستيفاء فيسقط ضرورة. والتبرع لا يعتمد قيام الدين. وإذا كان له كفيل أو له مال فخلفه إذا لا فضاء إلى الأداء باق. أطلقه فشمل ما إذا كان الكفيل أجنبيا أو وارث الميت ولو ابنه، كذا في المعراج. والجواب عن الحديث أنه يحتمل الاقرار عن كفالة سابقة والانشاء والوعد وحكاية الفعل لا عموم لها. وقيد بالكفالة بعد موته لأنه لو كفل في حياته ثم مات مفلسا لم تبطل الكفالة، وكذا لو كان به رهن ثم مات مفلسا لا يبطل الرهن لأن سقوط الدين عنه في أحكام الدنيا في حقه للضرورة فتتقدر بقدرها فأبقيناه في حق الكفيل والرهن لعدم الضرورة، كذا في المعراج. وبما قررناه علم أن الميت المفلس من مات ولا تركة له ولا كفيل عنه، ويستثنى من بطلانها مسألة في التحرير من بحث الموت من عوارض الأهلية لو تقوت الذمة بلحوق دين بعد الموت صحت الكفالة به بأن حفر بئرا على الطريق فتلف به حيوان بعد موته فإنه يثبت الدين مستندا إلى وقت الحفر الثابت حال قيام الذمة والمستند يثبت أولا في الحال، ويلزم اعتبار قوتها حينئذ به لكونه محل الاستيفاء اه‍ قوله: (وبالثمن للموكل ولرب المال به) أي وبطلت كفالة الوكيل لموكله بالثمن وكفالة المضارب لرب المال بالثمن فيما باعه
(٣٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 ... » »»
الفهرست