البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٢٣٥
وذلك بأن يتضمن إقراره بطلان حق الغير بحيث يضاف البطلان إلى إقراره، ففي مسألة الإجارة إنما يصح إقراره لأنه تصرف في ذمة نفسه بالتزام الدين ثم تعدى إلى حق الغير وهو المستأجر وحقه إنما يبطل بعد الاقرار بالبيع والتنفيذ فلا يضاف البطلان إلى إقرار الآجر فلا يكون إقرارا على الغير وكذا في مسألة المرأة ا ه‍. ومن مسائل اقتصار الاقرار مسألة في الذخيرة من الفصل الثالث والعشرين من المتفرقات قبيل الصرف ذكر في الباب الأول من شهادات الجامع: شهدا على رجل بعتق عبد فردت لتهمة فوكل المولى أحدهما ببيعه فباعه من الشاهد الآخر صح البيع لأن قولهما لم ينفذ في حق المالك والمتعاقدان وإن تصادقا على فساد البيع لكن قولهما ليس بحجة على غيرهما، وعتق العبد لاقرار المشتري بحريته وولاؤه موقوف، وبرئ المشتري عن الثمن في قياس قولهما ولا يبرأ في قياس قول أبي يوسف بناء على ابراء الوكيل بالبيع عن الثمن وضمنه الوكيل عندهما، وليس للوكيل حق استيفاء الثمن عند أبي يوسف إنما يستوفيه الموكل بخلاف الوكيل بالبيع إذا أبرأ عن الثمن حتى لا يصح الابراء عنده فللوكيل استيفاؤه، وإن باع الوكيل العبد من غير صاحبه جاز ولا عتق ولا براءة وتمامها فيها.
قوله: (والتناقض يمنع دعوى الملك) لأن القاضي لا يمكنه أن يحكم بالكلام المتناقض إذ أحدهما ليس بأولى من الآخر فسقطا، وهذا أصل لفروع كثيرة مذكورة في الدعوة، بأس بايراد نبذة منها، فمن ذلك ما في الظهيرية: رجل ادعى على رجل مقدارا معلوما بأنه دين له عليه وأنكره المدعى عليه ثم ادعى أن ذلك المقدار عنده من جهة الشركة فإنه لا تسمع دعواه لأنه متناقض في كلامه ولو كان الامر بالعكس تسمع لامكان التوفيق لأن مال الشركة يجوز أن يكون دينا بالجحود والدين لا يصير مال الشركة. ومنها ما ذكره فيها أيضا: رجل ادعى على آخر أنه أخوه وادعى عليه النفقة فقال المدعى عليه ليس هو بأخي ثم مات المدعي وخلف أموالا كثيرة فجاء المدعي عليه يطلب ميراثه وقال هو أخي لا تقبل ولا يقضي له بالميراث لأنه متناقض، ولو كان مكان دعوى الاخوة دعوى البنوة أو الأبوة والمسألة بحالها يقبل ذلك منه ويقضي له بالميراث، ومنها ما ذكره فيها: ادعى عينا في يد إنسان أنها لفلان وكلني بالخصومة فيها ثم ادعى أنها له وأقام البينة على ذلك يصير متناقضا فلا تقبل بينته، ولو ادعى أنها له ثم ادعى بعد ذلك أنه لفلان وكله بالخصومة فيه وأقام البينة على ذلك قبلت بينته ولا يصير متناقضا ا ه‍. ومنها ما في البزازية: ادعى شراء دار رمن أبيه فقبل أن يزكي شهوده
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»
الفهرست