البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ١٧١
لكونه ذميا فلو مكث سنة قبل مقال الإمام له لا يكون ذميا وبه صرح العتابي فقال: لو أقام سنين من غير أن يتقدم الإمام إليه فله الرجوع. قيل: ولفظ المبسوط يدل على خلافه والأوجه الأول كما في فتح القدير. ودل كلامه على أنه لا جزية عليه في حول المكث لأنه إنما صار ذميا بعده فتجب في الحول الثاني إلا أن يكون شرط عليه أنه إن مكث سنة أخذها منه، وقد ذكروا أن من أحكام الذمي جريان القصاص بينه وبين المسلم، وضمان المسلم قيمة خمره وخنزيره إذا أتلفه، ووجوب الدية عليه إذا قتله خطأ، ووجوب كف الأذى عنه حتى قال في فتح القدير: تحرم غيبته كما تحرم غيبة المسلم. وفي فتح القدير: وإذا رجع إلى دار الحرب لا يمكن أن يرجع معه بسلاح اشتراه من دار الاسلام بل بالذي دخل به، فإن باع سيفه واشترى به قوسا ونشابا أو رمحا لا يمكن منه، وكذا لو اشترى سيفا أحسن منه، فإن كان مثل الأول أو دونه يمكن. ولو مات المستأمن في دارنا وقف ماله لورثته فإذا قدموا وبرهنوا أخذوه، ولو كان الشهود أهل ذمة أخذ منهم كفيلا ولا يقبل كتاب ملكهم.
قوله: (فلم يترك أن يرجع إليهم) أي لا يمكن المستأمن بعد الحول من الرجوع إلى أهل الحرب لأن عقد الذمة لا ينقض لكونه خلفا عن الاسلام كيف وإن فيه قطع الجزية وجعل ولده حربا علينا وفيه مضرة بالمسلمين، وظاهره أنه لا يمكن من العود إلى دار الحرب للتجارة أو لقضاء حاجة ولو بعدت المدة وهو يقتضي منع الذمي من دخول دار الحرب قوله:
(كما لو وضع عليه الخراج) أي فلا يمكن من العود إلى دار الحرب لأن خراج الأرض بمنزلة خراج الرأس فإذا التزمه صار ملتزما المقام في دارنا. قيد بوضعه لأن بمجرد الشراء لا يصير ذميا لأنه قد يشتريها للتجارة وصححه الشارح وهو ظاهر الرواية كما في السراج الوهاج، وفسر في البناية وضعه بالتوظيف عليه. وفي فتح القدير: والمراد بوضعه إلزامه به وأخذه منه عند حلول وقته وهو بمباشرة السبب وهو زراعتها أو تعطيلها مع التمكن منها إذا كانت في ملكه أو زراعتها بالإجارة وهي في ملك غيره إذا كان خراج مقاسمة فإنه يؤخذ منه لا من المالك فيصير به ذميا بخلاف ما إذا كان على المالك ولا يظن بوضع الإمام وتوظيفه أن يقول وظفت على هذه الأرض الخراج ونحوه لأن الإمام قط لا يقوله بل الخراج من حين استقر وظيفة للأرض استمر على كل من صارت إليه واستمرت في يده اه‍. وأطلق في وضع الخراج فشمل جميع أسباب التزامه، فلو استعارها المستأمن من ذمي صار المستعير ذميا. وفي التتارخانية: إذا اشترى المستأمن أرض خراج فغصبت منه فإن زرعها الغاصب لا يصير
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست