البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ١٦٨
القتال لما كان تعريضا لنفسه على الهلاك لا يحل إلا لذلك أو لا علاء كلمة الله وهو إذا لم يخف على نفسه ليس قتال هؤلاء إلا إعلاء كلمة الكفر اه. وفي المحيط: مسلم دخل دار الحرب بأمان فجاء رجل من أهل الحرب بأمه أو بأم ولده أو بعمته أو بخالته قد قهرها ببيعها من المسلم المستأمن لا يشتريها منه لأن الحربي إن ملكها بالقهر فقد صارت حرة فإذا باعها فقد باع الحرة، ولو قهر حربي بعض أحرارهم ثم جاء بهم إلى المسلم المستأمن فباعهم منه ينظر، إن كان الحكم عندهم أن من قهر منهم صاحبه فقد صار ملكه جاز الشراء لأنه باع المملوك، وإن لم يملكه لا يجوز لأنه باع الحر.
قوله: (فلو أخرج شئ ملكه ملكا محظورا فيتصدق به) لورود الاستيلاء على مال مباح إلا أنه صل بسبب الغدر فأوجب ذلك خبثا فيه فيؤمر بالتصدق به، وهذا لأن الحظر فيه لا يمنع انعقاد السبب على ما بيناه. أفاد بالحظر مع وجوب التصدق أنه لو كان المأخوذ غدرا جارية لا يحل له وطؤها ولا للمشتري منه بخلاف المشتراة شراء فاسدا فإن حرمة وطئها على المشتري خاصة وتحل للمشتري منه لأن المنع منه لثبوت حق البائع في حق الاسترداد وببيع المشتري انقطع حقه ذلك لأنه باع بيعا صحيحا فلم يثبت له حق الاسترداد وهناك الكراهة للغدر، والمشتري الثاني كالأول فيه. وفي الولوالجية: مسلم تزوج امرأة في دار الحرب وكانت كافرة فأعطى للأب صداقها فأضمر في قلبه أنه يبيعها فخرج بها إلى دار الاسلام فأراد بيعها فالبيع باطل وهي حرة يريد به إذا خرجت معه طوعا لأن أهل الحرب إنما يملكون بالقهر في دار الحرب فإذا لم يقهر في دار الحرب وخرجت معه إلى دار الإسلام بغير قهر لا تصير ملكا له اه‍.
وفي فتح القدير: واعلم أنهم أخذوا في تصويرها ما إذا أضمر في نفسه أنه يخرجها ليبيعها ولا بد منه لأنه لو أخرجها كرها لا لهذا الغرض بل لاعتقاده أن له أن يذهب بزوجته حيث شاء إذا أوفاها معجل مهرها ينبغي أن لا يملكها اه‍. وقيد بالاخراج لأنها إذا غصب شئ في دار الحرب وجب عليه التوبة وهي لا تحصل إلا بالرد عليهم فأشبه المشتري شراء فاسدا، كذا في المحيط قوله: (فإن أدانه حربي أو أدان حربيا أو غصب أحدهما صاحبه وخرج إلينا لم يقض بشئ) أما الإدانة فلان القضاء يعتمد الولاية ولا ولاية وقت الإدانة أصلا ولا وقت القضاء على المستأمن لأنه ما التزم حكم الاسلام فيما مضى من أفعاله وإنما التزم ذلك في المستقبل، وأما
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست