البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٥٨٨
كان تعليقا لكن أجروه مجرى التمليك في جميع الوجوه فيتقيد بالمجلس ويبطل بما يدل على الاعراض، فإطلاق التمليك عليه صحيح ولذا قال في المحيط: إنه يتضمن معنيين: معنى التعليق وهو تعليق الطلاق بتطليقها والتعليق لازم لا يقبل الابطال، ويتضمن معنى التمليك لأن تعليق الطلاق بمشيئتها تمليك منها لأن المالك هو الذي يتصرف عن مشيئته وإرادته وهي عاملة في التطليق لنفسها، والمالك هو الذي يعمل لنفسه، وجواب التمليك يقتصر على المجلس ا ه‍. وقال في المحيط من كتاب الايمان من قسم التعاليق معزيا إلى الجامع: لو قال لها أنت طالق إن شئت أو أحببت أو هويت فليس بيمين لأن هذا تمليك معنى تعليق صورة ولهذا يقتصر على المجلس والعبرة للمعنى دون الصورة ا ه‍. وفائدته أنه لا يحنث في يمينه لا يحلف، وأما كلمة إذا وإذا ما فهي ومتى سواء عندهما، وعند أبي حنيفة وإن كان تستعمل للشرط كما تستعمل للوقت لكن الامر صار بيدها فلا يخرج بالشك وقد مر من قبل. كذا في الهداية. وتعقبه في فتح القدير بأن الوجه أن يقال إن قوله إذا شئت يحتمل أنه تعليق طلاقها بشرط هو مشيئتها وأنه إضافة إلى زمانه، وعلى كل من التقديرين لا يرتد بالرد حتى إذا تحققت مشيئتها بعد ذلك بأن قالت شئت ذلك الطلاق أو قالت طلقت نفسي وقع معلقا كان أو مضافا لا ما قال المصنف من أن الامر دخل في يدها فلا يخرج بالشك لأن معناه أنه ثبت ملكها بالتمليك فلا يخرج بالشك، فالمراد ب‍ " إذا أنه محض الشرط فيخرج من يدها بعد المجلس أو الزمان فلا يخرج كمتى، وقد صرح آنفا في متى بعدم ثبوت التمليك قبل المشيئة لأنه إنما ملكها في الوقت الذي شاءت فيه فلم يكن تمليكا قبله حتى يرتد بالرد، وعلى ما ذكرناه فالذي دخل ملكها تحقيق الشرط أو المضاف إليه الزمان وهو مشيئتها الطلاق ليقع طلاقه، وعلى هذا فقولهم في قوله أنت طالق كلما شئت لها أن تطلق نفسها واحدة بعد واحدة معناه تطلق بمباشرة الشرط تجوزا بالتطليق عنه بأن تقول شئت طلاقي أو طلقت نفسي فيقع طلاقه عند تحقق الشرط وإنما يصح كلامهم في قوله طلقي نفسك ا ه‍. ولم يذكر المصنف الحين. وفي المحيط: ولو قال حين شئت فهو بمنزلة قوله إذا شئت لأن الحين عبارة عن الوقت ا ه‍. ولم يذكر المصنف ما إذا جمع بين أن وإذا وذكره في المحيط فقال: ولو قال إن شئت فأنت طالق إذا شئت فلها مشيئتان مشيئة في الحال ومشيئة في عموم الأحوال لأنه علق مشيئتها في الحال طلاقا معلقا بمشيئتها في أي وقت كان، والمعلق بالشرط كالمرسل عند وجود الشرط، فإذا شاءت في المجلس صار كأنه قال أنت طالق إذا شئت ا ه‍.
(٥٨٨)
مفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 582 583 584 585 586 587 588 589 590 591 592 » »»
الفهرست