البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٣٧٨
أبو يوسف تقع الفرقة، وقال محمد لا تقع لأنهما ارتدا معا لأن تمجس المرأة بمنزلة الردة لأنها أحدثت زيادة صفة في الكفر فكان بمنزلة إحداث أصل الكفر، لأبي يوسف أنه لم توجد الردة منها لأن الردة ليست إلا بتبديل أصل الدين ولم يوجد منها تبديل أصل الدين فقد وجد ارتداد أحد الزوجين فبانت. كذا في المحيط. ولو تهودا وقعت الفرقة بينهما اتفاقا لأنها ما أحدثت زيادة صفة في الكفر.
قوله: (وبانت لو أسلما متعاقبا) لأن ردة الآخر منافية للنكاح ابتداء فكذا بقاء، ويعلم به حكم البينونة بإسلام أحدهما فقط بالأولى ولا مهر لها قبل الدخول إن كان المسلم هو الزوج، وإن كان هي فلها النصف وبعد الدخول لا يسقط شئ مطلقا ولا ترث منه إن أسلم ومات، فإن أسلمت ثم مات مرتدا ورثته. كذا في المبتغى بالمعجمة. قال في المحيط: تزوج صبية لها أبوان مسلمان فارتدا معا لم تبن لأنها مسلمة تبعا للأبوين وتبعا للدار باعتبار الاتصال والمجاورة، ولهذا اللقيط في دار الاسلام يحكم بإسلامه تبعا للدار، ولو أدخلت صغيرة من دار الحرب إلى دار الاسلام وليس معها أبواها فماتت فإنه يصلى عليها، وتبعية الدار هنا قائمة فبقيت مسلمة لأن البقاء أسهل من الابتداء، فإن لحقا بها بدار الحرب بانت لانقطاع حكم الدار. ولو مات أحد الأبوين في دارنا مسلما أو مرتدا ثم ارتد الآخر ولحق بها بدار الحرب لم تبن ويصلى عليها إذا ماتت لأن التبعية حكم تناهى بالموت مسلما، وكذا بالموت مرتدا لأن أحكام الاسلام قائمة. ولو أن صبية نصرانية تحت مسلم تمجس أبوها وقد ماتت الام نصرانية لم تبن لأن الولد يتبع خير الوالدين دينا فبقيت على دين الام، ولو تمجس أبواها بانت ولا مهر لها، ولا يمكن الحكم بالاسلام هنا تبعا للدار لأن الدار لا تثبت التبعية ابتداء ما دامت تبعية الأبوين قائمة، فإن بلغت عاقلة مسلمة ثم جنت ثم ارتد أبوها لم تبن وإن لحق بها بدار الحرب لأنها مسلمة أصلا لا تبعا، وكذلك الصبية العاقلة لو أسلمت ثم جنت لأنها صارت أصلا في الاسلام اه‍. وهنا مسألتان: الأولى مسألة ما إذا أسلم وتحته أكثر من أربع أو أختان، وحكمها عند أبي حنيفة وأبي يوسف إن كان التزوج في عقد واحد فرق بينه وبينهن، أو في عقدين فنكاح من يحل سبقه جائز ونكاح من تأخر فوقع الجمع به والزيادة على الأربع باطل. الثانية مسألة ما إذا بلغت المسلمة المنكوحة ولم تصف الاسلام فإنها تبين وهي مذكورة في المحيط وغيره والله تعالى أعلم.
(٣٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 ... » »»
الفهرست