البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ١٩٠
بخلاف المتعة فإنه لو قال أتمتع بك ولم يذكر مدة كان متعة. والتحقيق ما في فتح القدير أن معنى المتعة عقد على امرأة لا يراد به مقاصد عقد النكاح من القرار للولد وتربيته بل إما إلى مدة معينة ينتهي العقد بانتهائها أو غير معينة بمعنى بقاء العقد ما دام معها إلى أن ينصرف عنها فيدخل فيه بمادة المتعة والنكاح الموقت أيضا فيكون من أفراد المتعة وإن عقد بلفظ التزويج وأحضر الشهود إلى آخر ما ذكره. وقد نقل في الهداية إجماع الصحابة على حرمته وأنها كانت مباحة ثم نسخت. وفي صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم كنت أذنت لكم في الاستمتاع بالنساء وقد حرم الله ذلك إلى يوم القيامة (1) والأحاديث في ذلك كثيرة شهيرة، وما نقل عن ابن عباس من إباحتها فقد صح رجوعه. وما في الهداية من نسبته إلى مالك فغلط كما ذكره الشارحون، فحينئذ كان زفر القائل بإباحة الموقت محجوجا بالاجماع لما علمت أن الموقت من أفراد المتعة. قالوا: ثلاثة أشياء نسخت مرتين: المتعة ولحوم الحمر الأهلية والتوجه إلى بيت المقدس. أطلق في الموقت فشمل المدة الطويلة أيضا كأن يتزوجها إلى مائتي سنة وهو ظاهر المذهب وهو الصحيح كما في المعراج، لأن التأقيت هو المعين لجهة المتعة. وشمل المدة المجهولة أيضا. وقيد بالموقت لأنه لو تزوجها على أن يطلقها بعد شهر، فإنه جائز لأن اشتراط القاطع يدل على انعقاده مؤبدا وبطل الشرط كما في القنية. ولو تزوجها وفي نيته أن يقعد معها مدة نواها فالنكاح صحيح لأن التوقيت إنما يكون باللفظ. قالوا: ولا بأس بتزوج النهاريات وهو أن يتزوجها ليقعد معها نهارا دون الليل. وينبغي أن لا يكون هذا الشرط لازما عليها ولها أن تطلب المبيت عندها ليلا لما عرف في باب القسم.
قوله: (وله وطئ امرأة ادعت أنه تزوجها وقضى بنكاحها مبينة ولم يكن تزوجها) وهذا عند أبي حنيفة. وقالا: ليس له وطؤها لأن القاضي أخطأ الحجة إذ الشهود كذبة فصار كما إذا ظهر أنهم عبيد أو كفار. ولأبي حنيفة أن الشهود صدقة عنده وهو الحجة لتعذر الوقوف على حقيقة الصدق بخلاف الكفر والرق لأن الوقوف عليهما متيسر، فإذا ابتنى القضاء على الحجة وأمكن تنفيذه باطنا بتقديم النكاح نفذ قطعا للمنازعة بخلاف الاملاك المرسلة لأن في
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست