البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ١٢٢
بعد الأداء فالنية قبله لهما لغو، فإذا فرغ وجعله لأحدهما أولهما فإنه يجوز بخلاف ما إذا أهل عن آمريه ثم عين لما تقدم أنه صار مخالفا. وبهذا علم أن التعيين بعد الابهام ليس بشرط وإنما ذكره ليعلم منه حكم عدم التعيين بالأولى لأنه بعد أن جعله لهما يملك صرفه عن أحدهما فلان يبقيه لهما أولى. وبهذا علم أن الأجنبي كالوارث في هذا فإن من تبرع عن أجنبيين بالحج فهو كالولد عن الأبوين لأن المجعول إنما هو الثواب فله أن يجعله لمن شاء. وعلم أيضا أنه في الوارث المتبرع من غير وصية، أما إذا أوصى بحجة الفرض فتبرع الوارث بالحج فقد قدمنا أنه لا يجوز. وإن لم يوص فتبرع الوارث إما بالحج بنفسه أو بالاحجاج عنه رجلا فقد قال أبو حنيفة: يجزئه إن شاء الله تعالى لحديث الخثعمية فإنه شبهه بدين العباد وفيه لو قضى الوارث من غير وصية يجزئه فكذا هذا. وفي المبسوط: فإن قيل فقد أطلق أبو حنيفة الجواب في كثير من الأحكام الثابتة بخبر الواحد ولم يقيده بالمشيئة قلنا: إن خبر الواحد يوجب العمل فيما طريقه العمل فأطلق الجواب فيه، فأما سقوط حجة الاسلام عن الميت بأداء الورثة طريقه العلم فإنه أمر بينه وبين ربه تعالى فلهذا قيد الجواب بالاستثناء اه‍. وذكر الولوالجي أن قوله إن شاء الله تعالى على القبول لا على الجواز لأنه شبهه بقضاء الدين، ومن تبرع بقضاء دين رجل كان صاحب الدين بالخيار إن شاء قبل وإن شاء لم يقبل فكذا في باب الحج اه‍. ثم اعلم أن حج الولد عن والده ووالدته مندوب للأحاديث كما في فتح القدير، ثم المصنف رحمه الله تعالى لم يقيد الحاج عن الغير بشئ ليفيد أنه يجوز إحجاج الضرورة وهو
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»
الفهرست