البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ١٧٥
ساهيا فإنه لا يلزمه أكثر من سجدتين لأنه تأخر عن زمان العلة وهو وقت وقوع السهو مع أن الأحكام الشرعية لا تؤخر عن عللها، فعلم أنه لا يتكرر إذ الشرع لم يرد به، وسيأتي أن المسبوق يتابع إمامه في سجود السهو، ثم إذا قام إلى القضاء وسها فإنه يسجد ثانيا فقد تكرر سجود السهو. وأجاب عنه في البدائع بأن التكرار في صلاة واحدة غير مشروع وهما صلاتان حكما وإن كانت التحريمة واحدة لأن المسبوق فيما يقضي كالمنفرد، ونظيره المقيم إذا اقتدى بالمسافر فسها الإمام يتابعه المقيم في السهو وإن كان المقيم ربما يسهو في إتمام صلاته، وعلى تقدير السهو يسجد في أصح الروايتين لكن لما كان منفردا في ذلك كان صلاتين حكما ا ه‍. وعلله في المحيط بأن السجدة المتقدمة لا ترفع النقصان المتأخر، فأما السجدة المتأخرة فإنها ترفع النقصان المتقدم، ولا يشكل عليه ما في عمدة الفتاوي للصدر الشهيد وخزانة الفقه لأبي الليث من أن التشهد يقع في صلاة واحدة عشر مرات وصورته: رجل أدرك الإمام في التشهد الأول من المغرب وتشهد معه ثم يتشهد معه في الثانية وكان على الإمام سهو فتشهد معه في الثالثة، ثم ذكر الإمام أن عليه سجدة التلاوة فإنه يسجد معه ويتشهد معه الرابعة ثم يسجد للسهو ويتشهد معه الخامسة، فإذا سلم الإمام فإنه يقوم إلى قضاء ما سبق به فيصلي ركعة ويتشهد السادسة، فإذا صلى ركعة أخرى يتشهد السابعة وكان قد سها فيما يقضي فيسجد ويتشهد الثامنة، ثم تذكر أنه قرأ آية السجدة في قضائه فإنه يسجد ويتشهد التاسعة ثم يسجد للسهو ويتشهد للعاشرة ا ه‍. مع أنه قد تكرر السجود للسهو في صلاة واحدة حقيقة وحكما وهي صلاة الإمام والمسبوق بسبب السجدة الخامسة فيهما، وأما التشهد الرابع فلكونه بسبب سجود التلاوة ارتفع تشهد القعدة لا أن لسجود التلاوة تشهدا لأن سجود التلاوة رفع ما كان قبله من التشهد والقعود وسجود السهو فكأنه لم يسجد للسهو، فلذا يسجد آخرا كما لو سجد للسهو ثم نوى الإقامة حتى صار فرضه أربعا فإنه يعيد سجود السهو. وفي الظهيرية: إذا سها الإمام ثم سها خليفته سجد الثاني سجدتين وكفاه.
قوله: (وبسهو إمامه لا بسهوه) معطوف على قوله بترك واجب فأفاد أن السجود له سببان: إما ترك الواجب أو سهو إمامه فإنه يجب عليه متابعته إذا سجد لأنه عليه الصلاة والسلام سجد له وتبعه القوم ولأنه تبع لإمامه فيلزمه حكم فعله كالمفسد ونية الإقامة. أطلقه فشمل ما إذا كان مقتديا به وقت السهو أو لم يكن وما إذا سجد سجدة واحدة ثم اقتدى به فإنه يتابعه في الأخرى ولا يقضي الأولى كما لا يقضيهما لو اقتدى به بعد ما سجدهما لأنه حين دخل في تحريمة الإمام كان النقص قد انجبر بالسجدتين أو بإحداهما، ولا يعقل وجوب
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست