البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٩٩
الثانية اعتبرت شرعا كالأولى، فإيجاب القراءة فيها إيجاب فيهما دلالة. وأما قوله عليه السلام في حديث المسئ صلاته ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم قال في آخره ثم افعل ذلك في صلاتك كلها فلا يثبت به الفرض لأن القطعي لا يثبت بالظني. وإنما لم تكن القراءة في الأخريين واجبة في الفرض كما هو الصحيح من المذهب مع وجود الامر المذكور المقضي للوجوب لوجود صارف له عنه وهو قول الصحابة على خلافه كما رواه ابن أبي شيبة عن علي وابن مسعود قال: اقرأ في الأوليين وسبح في الأخريين لكن ذكر المحقق في فتح القدير أنه لا يصلح صارفا إلا إذا لم يرد عن غيرهما من الصحابة خلاف وإلا فاختلافهم في الوجوب لا يصرف دليل الوجوب عنه، فالأحوط رواية الحسن رحمه الله بالوجوب في الأخريين انتهى.
وقد يقال: إن مقتضاه لزوم قراءة ما تيسر في الأخريين وجوبا لا تعيين الفاتحة كما هو رواية الحسن فليس موافقا لكل من الروايتين. وفي القنية: لم يقرأ في الأوليين وقرأ في الأخريين الفاتحة في الصلاة على قصد الثناء والدعاء لا يجزئه انتهى. مع أن المنقول في التجنيس أنه إذا قرأ الفاتحة في الصلاة على قصد الثناء جازت صلاته لأنه وجدت القراءة في محلها فلا يتغير حكمها بقصده، وهكذا في الظهيرية. ثم ذكر بعده ما في القنية عن شمس الأئمة الحلواني ووجهه أن القراءة ليست في محلها فتغيرت بقصده كما يشير إليه تعليله في التجنيس قوله:
(وكل النفل والوتر) أي القراءة فرض في جميع ركعات النفل والوتر، أما النفل فلان كل شفع منه صلاة على حدة والقيام إلى الثالثة كتحريمة مبتدأة ولهذا لا يجب بالتحريمة الأولى إلا ركعتان في المشهور عن أصحابنا، ولهذا قالوا: يستفتح في الثالثة. وأما الوتر فللاحتياط كذا في الهداية. وزاد في فتح القدير ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في كل قعدة، وقياسه أن يتعوذ في كل شفع انتهى. إلا أنه لا يتم لأنه لا يشمل السنة الرباعية المؤكدة كسنة الظهر القبلية فإن القراءة فرض في جميع ركعاتها مع أن القيام إلى الثالثة ليس كتحريمة مبتدأة بل هي صلاة واحدة ولهذا لا يستفتح في الشفع الثاني ولا يصلي في القعدة الأولى ولا يبطل خيارها بقيامها
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»
الفهرست