البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٦٠٦
بالرمي إلى أنه يقطعها إذا فعل واحدا من الأمور الأربعة التي تفعل في الحج يوم النحر فيقطعها إن حلق قبل الرمي أو طاف الزيارة قبل الرمي والذبح والحلق أو ذبح قبل الرمي دم التمتع أو القران ومضي وقت الرمي المستحب كفعله فيقطعها إذا لم يرم جمرة العقبة حتى زالت الشمس. كذا في المحيط قوله: (ثم اذبح) أي على وجه الأفضلية لأن الكلام في المفرد وهو ليس بواجب عليه وإنما يجب على القارن والمتمتع، وأما الأضحية فإن كان مسافرا فلا أضحية عليه وإلا فعليه كالمكي، وقد ثبت في حديث جابر الطويل أنه عليه السلام ذبح بيده ثلاثا وستين بدنه وأمر عليا فذبح ما بقي وأشركه في هديه ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ثم ركب إلى البيت فصلى بمكة الظهر. قال ابن حبان: والحكمة في أنه صلى الله عليه وسلم نحر ثلاثا وستين بدنة أنه كان له يومئذ ثلاث وستون سنة فينحر لكل سنة بدنة.
قوله: (ثم احلق أو اقصر والحلق أحب) بيان للواجب والمراد بالحلق إزالة شعر ربع الرأس إن أمكن وإلا بان كان أقرع فيجري الموسى على رأسه إن أمكن وأحب على المختار وإلا بأن كان على رأسه قروح لا يمكن إمرار الموسى عليه ولا يصل إلى تقصير فقط سقط هذا الواجب وحل كمن حلقها. والأحسن أن يؤخر الاحلال إلى آخر الوقت من أيام النحر، ولو أمكنه الحلق لكن لم يجد آلة ولا من يحلقها فليس بعذر وليس له الاحلال لأن إصابة الآلة مرجو في كل ساعة ولا كذلك برء القروح واندمالها. والإزالة لا تختص بالموسى بل بأي آلة كانت أو بالنورة، والمستحب الحلق بالموسى لا السنة وردت به. والمراد بالتقصير أن يأخذ الرجل أو المرأة من رؤوس شعر ربع الرأس مقدار الأنملة كذا ذكر الشارح. ومراده أن يأخذ من كل شعرة مقدار الأنملة كما صرح به في المحيط. وفي البدائع قالوا: يجب أن يزيد في التقصير على قدر الأنملة حتى يستوفي قدر الأنملة من كل شعرة برأسه لأن أطراف الشعر غير متساو عادة. قال الحلبي في مناسكه: وهو حسن. والأنملة بفتح الهمزة والميم وضم الميم لغة مشهورة ومن خطأ راويها فقد أخطأ واحدة الأنامل. ثم التخيير بين الحلق والتقصير إنما هو عند عدم العذر فلو تعذر الحلق لعارض تعين التقصير أو التقصير تعين الحلق كأن لبده بصمغ فلا يعمل فيه المقراض، وإنما كان الحلق أفضل لدعائه عليه السلام للمحلقين بالرحمة ثنتين أو ثلاثا وفي الثالثة أو الرابعة للمقصرين بها. ويستحب حلق الكل للاتباع. ولم يذكر سنن الحلق لأنه لا يخص الحلق في الحج لأن أصل الحلق في كل جمعة مستحب كما صرح به في القنية، ويعتبر في سنته البداءة باليمين للحالق لا المحلوق فيبدأ بشقه الأيسر،
(٦٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 601 602 603 604 605 606 607 608 609 610 611 ... » »»
الفهرست