البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٥٩٦
فهناك تسكب العبرات وتستقال العثرات وترتجى الطلبات وإنه لمجمع عظيم وموقف جسيم يجتمع فيه خيار عباد الله الصالحين وأوليائه المخلصين وهو أعظم مجامع الدنيا، وقد قيل إذا وافق يوم عرفة يوم جمعة غفر لكل أهل الموقف وأنه أفضل من سبعين حجة في غير يوم جمعة كما ورد في الحديث. وليحذر كل الحذر من المخاصمة والمشاتمة والمنافرة والكلام القبيح بل ومن المباح أيضا في مثل هذا اليوم.
قوله: (ثم إلى مزدلفة بعد الغروب) أي ثم رح كما ثبت في صحيح مسلم من فعله عليه السلام، وهذا بيان للواجب حتى لو دفع قبل الغروب وجاوز حدود عرفة لزمه دم.
وأشار إلى أن الإمام لو أبطأ لدفع بعد الغروب. فإن الناس يدفعون لأنه لا موافقة في مخالفة السنة، ولو مكث بعد الغروب وبعد دفع الإمام وإن كان قليلا لخوف الزحام فلا بأس به، وإن كان كثيرا كان مسيئا لمخالفة السنة، والأفضل أن يمشي على هينته وإذا وجد فرجة أسرع، ويستحب أن يدخل مزدلفة ماشيا وأن يكبر ويهلل ويحمد ويلبي ساعة فساعة قوله:
(وانزل بقرب جبل قزح) يعني المشعر الحرام وهو غير منصرف للعدل والعلمية كعمر من قزح الشئ ارتفع يقال إنه كانون آدم عليه السلام وهو موقف الإمام كما رواه أبو داود. ولا ينبغي النزول على الطريق ولا الانفراد عن الناس فينزل عن يمينه أو يساره، ويستحب أن يقف وراء الإمام كالوقوف بعرفة قوله: (وصل بالناس العشائين بأذان وإقامة) أي المغرب والعشاء جمع تأخير لرواية مسلم عن ابن عمر أنه عليه السلام أذن للمغرب بجمع فأقام ثم صلى العشاء بالإقامة الأولى. وأشار إلى أنه لا تطوع بين الصلاتين ولو سنة مؤكدة على
(٥٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 591 592 593 594 595 596 597 598 599 600 601 ... » »»
الفهرست