البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٥٧٧
السنة لا يلزمه بتركها شئ كما صرح به في المحيط وغيره لكن صرح في الفتاوي الظهيرية بأنه لو طاف طواف الزيادة في ثوب كله نجس فهذا وما لو طاف عريانا سواء، فإن كان من الثوب قدر ما يواري عورته طاهرا والباقي نجسا جاز طوافه ولا شئ عليه. وأطلق الطواف فأفاد أنه لا يكره في الأوقات التي تكره الصلاة فيها لأن الطواف ليس بصلاة حقيقة ولهذا أبيح الكلام فيه كما ورد في الحديث ولا تبطله المحاذاة وقالوا: لا بأس بأن يفتي في الطواف ويشرب ويفعل ما يحتاج إليه لكن يكره إنشاد الشعر فيه والحديث لغير حاجة والبيع، وأما قراءة القرآن فيه فمباحة في نفسه ولا يرفع بها صوته كما في المحيط. والمعروف في الطواف إنما هو مجرد ذكر الله روي ابن ماجة عن أبي هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول من طاف بالبيت سبعا ولم يتكلم إلا بسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قولة إلا بالله محيت عنه عشر سيأت، وكتبت له عشر حسنات، ورفع له بها عشر درجات (1) وفي المحيط: لو خرج من طوافه إلى جنازة أو مكتوبة أو تجديد وضوء ثم عاد بني.
قوله: (ترمل في الثلاثة الأول فقط) بيان للسنة أي في الأشواط الثلاثة الأول دون غيرها فأفاد أنه من الحجر لحديث ابن عمر وابن عباس في حجة الوداع المروي في الصحيحين ردا على من قال إنه ينتهي إلى الركن اليماني. واعلم أن الأصل زوال الحكم عند زوال العلة لأن الحكم ملزوم لوجود العلة ووجود الملزوم بدون اللازم محال: وقول من قال إن علة الرمل في الطواف زالت وبقي الحكم ممنوع فإن النبي صلى الله عليه وسلم رمل في حجة الوداع تذكيرا لنعمة الامن بعد الخوف ليشكر عليها فقد أمر الله بذكر نعمه في مواضع من كتابه.
وما أمرنا بذكرها إلا لنشكرها. ويجوز أن يثبت الحكم بعلل متبادلة فحين غلبة المشركين كانت علة الرمل إيهام المشركين قوة المؤمنين، وعند زوال ذلك تكون علته تذكير نعمة الامن كما أن علة الرق في الأصل استنكاف الكافر عن عبادة ربه ثم صار علته حكم الشرع بربه وإن أسلم وكالخراج فإنه يثبت في الابتداء بطريق العقوبة ولهذا لا يبدأ به على المسلم ثم صار علته حكم الشرع بذلك حتى لو اشترى المسلم أرض خراج لزمه عليه الخراج. كذا ذكره المحقق
(٥٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 572 573 574 575 576 577 578 579 580 581 582 ... » »»
الفهرست