البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٣٤٥
التقت سريتان من المسلمين وكل واحدة ترى أنهم مشركون فأجلوا عن قتلي من الفريقين قال محمد: لا دية على أحد ولا كفارة لأنهم يدافعون عن أنفسهم ولم يذكر حكم الغسل، ويجب أن يغسلوا لأن قاتلهم لم يظلمهم ا ه‍. واحترز بقوله بقتله أي بسببه عما إذا وجبت الدية بالصلح أو بقتل الأب ابنه أو شخصا آخر ووارثه ابنه، فالمقتول شهيد لأن نفس القتل لم يوجب الدية بل يوجب القصاص وإنما سقط للصلح أو للشبهة. وإنما كان المال عوضا مانعا ولم يكن وجوب القصاص عوضا مانعا لأن القصاص للميت من وجه وللوارث من وجه آخر وهي تشفي الصدور وللمصلحة العامة وهما في شرعيته من حياة الأنفس فلم يكن عوضا مطلقا فلا تبطل الشهادة بالشك. كذا في شرح المجمع للمصنف. وذكر في المجتبي والبدائع أن الشرائط ست: العقل والبلوغ والقتل ظلما وأنه لا يجب به عوض مالي والطهارة عن الجنابة وعدم الارتثاث ا ه‍. وإنما لم يذكر المصنف بقيتها لما سيصرح به من مفهوماتها لكن بقي من قتل مدافعا عن نفسه أو عن ماله أو عن أهل الذمة من غير أن يكون القاتل واحد من الثلاث في الكتاب، فإن المقتول شهيد كما صرح به في المحيط وعطفه على الثلاثة وجعله سببا رابعا ولا يمكن دخوله تحت قوله أو قتله مسلم ظلما لأن المدافع المذكور شهيد بأي الة بحديدة أو حجر أو خشب كما صرح به في المحيط ومقتول المسلم لا يكون شهيدا إلا إذا قتل بحديدة كما قدمناه. ومن هنا يظهر أن عبارة المجمع هنا لم تكن محررة فإنه لم يفصل في مقتول المسلم ظلما بل أدخل الباغي وقاطع الطريق تحت المسلم وجعل حكم مقتولهم واحدا وليس بصحيح. وإن أراد بالمسلم ما عداهما فليس في عبارته استيفاء للشهيد ويرد على الكل ما قتله ذمي ظلما فإنه في حكم المسلم هنا كما صرح به ابن الملك في شرح المجمع قال: والمكابرون في المصر ليلا بمنزلة قطاع الطريق ا ه‍. والبغي في عبارة المختصر مجرور وقطاع الطريق مرفوع.
قوله: (فيكفن ويصلى عليه بلا غسل) بيان لحكمه. أما عدم الغسل فلحديث السنن أنه عليه الصلاة والسلام أمر بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم. وما علل به الحسن البصري لعدم الغسل بأنهم كانوا جرحى فقد قال السرخسي: أنه ليس بصحيح لأنه لو كان عدم الغسل باعتبار الجراحة لكان التيمم مشروعا. وأما الصلاة فلصلاته عليه السلام على حمزة وغيره يوم أحد ولحديث البخاري أنه صلى على قتلى أحد بعد ثمان سنين. وما قيل من أنهم
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»
الفهرست