البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٢٨٨
عبارته ولا خلاف فيه، وأفاد آخره بقوله إلى ثمان أي مع ثمان صلوات فلذا لم يقل ثمانية وهي من الغايات التي تدخل في المغيا. كذا في المصفي.
وهذا عند أبي حنيفة فالتكبير عنده عقب ثمان صلوات فينتهي بالتكبير عقب العصر يوم النحر، وعندهما ينتهي بالتكبير عقب العصر من آخر أيام التشريق وهي ثلاث وعشرون صلاة وهو قول عمر وعلي ورجحاه لأنه الأكثر وهو الأحوط في العبادات. ورجح أبو حنيفة قول ابن مسعود لأن الجهر بالتكبير بدعة فكان الاخذ بالأقل أولى احتياطا، وقد ذكروا في مسائل السجدات أن ما تردد بين بدعة وواجب فإنه يؤتى به احتياطا، وما تردد بين بدعة وسنة يترك احتياطا كما في المحيط وغيره، وهو يقتضي ترجيح قولهما ولهذا ذكر الأسبيجابي وغيره أن الفتوى على قولهما. وفي الخلاصة: وعليه عمل الناس اليوم. وفي المجتبي: والعمل والفتوى في عامة الأمصار وكافة الاعصار على قولهما. وهذا بناء على أنه إذا اختلف أبو حنيفة وصاحباه فالأصح أن العبرة بقوة الدليل كما في آخر الحاوي القدسي وهو مبني على أن قولهما في كل مسألة مروي عنه أيضا كما ذكره في الحاوي أيضا، وإلا فكيف يفتى بغير قول صاحب المذهب!
وبه اندفع ما ذكره في فتح القدير من ترجيح قوله هنا ورد فتوى المشايخ بقولهما إلا أن يريدوا إلا أن يريد بالواجب المذكور في باب السجدات الفرض. ويلتزم أن ما تردد بين بدعة وواجب اصطلاحي فإنه يترك كالسنة فيترجح قوله وفي قوله مرة إشارة إلى رد ما نقل عن الشافعي أنه يكرر التكبير ثلاثا. وقول الله أكبر إلى آخره بيان لألفاظه وهو: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. وقد ذكر الفقهاء أنه مأثور عن الخليل عليه السلام. وأصله أن جبريل عليه السلام لما جاء بالفداء خاف العجلة على إبراهيم فقال: الله أكبر الله أكبر. فلما رآه إبراهيم عليه السلام قال لا إله إلا الله والله أكبر. فلما علم إسماعيل الفداء قال إسماعيل: الله أكبر ولله الحمد. كذا في غاية البيان. وكثير من الكتب ولم يثبت عند المحدثين كما في فتح القدير، وقد صرحوا بأن الذبيح إسماعيل وفيه اختلاف بين السلف والخلف، فطائفة قالوا به وطائفة قالوا به وطائفة قالوا بأنه اسحق والحنفية مائلون إلى الأول، ورجحه الإمام أبو الليث السمرقندي في البستان بأنه أشبه بالكتاب والسنة، فأما الكتاب فقوله تعالى * (وفديناه بذبح عظيم) * (الصافات: 107) ثم قال بعد قصة الذبح * (وبشرناه بإسحاق) * (الصافات: 112) الآية. وأما الخبر فما روي عنه عليه السلام أنا ابن الذبيحين يعني أباه عبد الله وإسماعيل. واتفقت الأمة أنه كان من ولد إسماعيل. وقال أهل التوراة: مكتوب في التوراة أنه كان اسحق فإن صح ذلك فيها آمنا به اه‍. وأما محل أدائه فدبر الصلاة وفورها من غير أن يتخلل ما يقطع حرمة الصلاة حتى لو ضحك قهقهة أو أحدث متعمدا
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»
الفهرست