البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٢٥٣
أصحاب السلطان فإن له إقامتها، ولا يخفى أن له الاستنابة كتولية خطيب في جامع كما هو الواقع في الأمصار وهذا متفق عليه، وإنما وقع الاشتباه في أن الخطيب المقرر من جهة الحاكم هل له أن يستنيب من غير ضرورة؟ فصرح منلا خسرو في شرح الدرر والغرر بأن الخطيب ليس له الاستنابة إلا أن يفوض إليه ذلك، وهذا مما يجب حفظه والناس عنه غافلون اه‍. وقد عمل بذلك بعض القضاة في زماننا حتى أخرج خطيبا من وظيفته بسبب استنابته من غير إذن.
وفي النجعة في تعداد الجمعة للعلامة ابن جرباش أحد شيوخ مشايخي: إن أذن السلطان أو نائبه إنما هو شرط لاقامتها عند بناء المسجد، ثم بعد ذلك لا يشترط الاذن لكل خطيب، فإذا قرر الناظر خطيبا في مسجد فله إقامتها بنفسه وبنائبه وأن الاذن منسحب لكل من خطب وعبارته. والحاصل أن حق التقدم في إمامة الجمعة حق الخليفة إلا أنه لا يقدر على إقامة هذا الحق ينفسه في كل الأمصار فيقيمها غيره بنيابته، فالسابق في هذه النيابة في كل بلدة الأمير الذي ولي على تلك البلدة ثم الشرطي ثم القاضي ثم الذي ولاه قاضي القضاة. وفي العتابية عن ابن المبارك:
الشرطي أولى من القاضي. وفي الخانية: الإمام إذا أحدث بعدما صلى ركعة من الجمعة فتقدم واحد من القوم لا بتقديم أحد لا تجوز صلاتهم خلفه، وإن قدمه واحد من جماعة السلطان ممن فوض إليه أمر العامة يجوز. وإذ قد عرفت هذا فيتمشى عليه ما يقع في زماننا هذا من استئذان السلطان في إقامة الجمعة فيما يستجد من الجوامع فإن أذنه بإقامتها في ذلك الموضع لربه مصحح لاذن رب الجامع لمن يقيمه خطيبا ولإذن ذلك الخطيب لمن عساه أن يستنيبه، ولا يكون ذلك إذنا لمجهول ليقع فاسدا على ما توهمه البعض لأنه لا بد أن يسأل السلطان في ذلك شخص معين
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»
الفهرست