البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٢١٥
ثم أحدث فذهب وتوضأ ثم عاد إلى مكانه وبنى على صلاته ثم قرأ ذلك الأجنبي تلك الآية، فعلى هذا المصلي أن يسجدها إذا فرغ من صلاته لأنه تحول عن مكانه فسمع الثانية بعدما تبدل المجلس. فرق بين هذا وبين ما إذا قرأ آية سجدة ثم سبقه الحدث فذهب وتوضأ ثم جاء وقرأ مرة أخرى لا تلزمه سجدة وإن قرأ الثانية بعدما تبدل المكان، والفرق أن في المسألة الأولى المكان قد تبدل حقيقة وحكما، أما الحقيقة فظاهر، وأما الحكم فلان السماع ليس من أفعالها بخلاف الثانية. وتمامه في البدائع. وإنما لم يعد الصلاة لأن زيادة ما دون الركعة لا يفسدها.
وقيده في التجنيس والمجتبى والولوالجية بأن لا يتابع المصلي السامع القارئ فإن سجد القارئ فتابعه المصلي فيها فسدت صلاته للمتابعة ولا تجزئه السجدة عما سمع اه‍. وقد قدمنا أن زيادة سجدة واحدة بنية المتابعة لغير إمامه مبطلة لصلاته. وفي النوادر: ولو قرأ الإمام السجدة فظن القوم أنه ركع فبعضهم ركع وبعضهم ركع وسجد سجدة وبعضهم ركع وسجد سجدتين، فمن ركع ولم يسجد يرفض ركوعه ويسجد للتلاوة، ومن ركع وسجد فصلاته تامة وسجدته تجزئه عن سجدة التلاوة، ومن ركع وسجد سجدتين فصلاته فاسدة لأنه انفرد بركعة واحدة تامة اه‍.
وذكر في الخلاصة في مسألة الكتاب لا تفسد صلاته هو الصحيح بناء على أن زيادة سجدة واحدة ساهيا أو سجدتين لا تفسد صلاته بالاجماع، وإن كان عمدا فكذلك. وإن ذكر في الجامع الصغير أنه يفسد عند محمد وذلك ليس بصحيح. ذكره الصدر الشهيد في المبسوط اه‍.
قوله (ولو سمع من إمام فأتم به قبل أن يسجد سجد معه وبعده لا) أي لو ائتم به بعد أن سجدها الإمام لا يسجدها لأنه في الأول تابع له فيسجد معه وإن لم يسمع، وفي الثاني صار مدركا لها بإدراك تلك الركعة كمن أدرك الإمام في ركوع ثالثة الوتر فإنه لا يقنت فيما يأتي به بعد فراغ الإمام. قيد بقوله سجد معه لأن الإمام لو لم يسجد لا يسجد المأموم وإن سمعها لأنه إن سجدها في الصلاة وحده صار مخالف إمامه، وإن سجد بعد الفراغ وهي صلاتية لا تقضى خارجها. وأطلق في قوله وبعده لا فشمل ما إذا دخل معه في الركعة الثانية وفيه اختلاف، وظاهر الهداية يقتضي أن يسجد لها بعد الفراغ لأنه لما لم يدرك ركعه التلاوة لم يصر مدركا لها وليست صلاتية فيقضي خارجها، وقيل هي صلاتية فلا تقضى خارجها قوله (وإن لم يقتد سجدها) لتقرر السبب في حقه وعدم المانع.
قوله (ولم تقض الصلاتية خارجها) أي خارج الصلاة لأن السجد المتلوة في الصلاة أفضل من غيرها لأن قراءة القرآن في الصلاة أفضل منها في غيرهما فلم يجز أداؤها خارج الصلاة لأن الكامل لا يتأدى بالناقص. وهذا إذا لم تفسد الصلاة، أما إن تلاها في الصلاة ولم يسجد ثم فسدت الصلاة فعليه السجدة خارجها لأنها لما فسدت بقي مجرد تلاوة فلم تكن صلاتية، ولو أداها فيها ثم فسدت لا يعيد السجدة لأن بالمفسد لا يفسد جميع أجزاء الصلاة
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»
الفهرست