البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ١٥
شرح الآثار يفيد أن عدم الفساد قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وكأن هذا القائل فهم من نفي الرد بالإشارة الفساد على تقديره كما هو كذلك في الرد بالنطق لكن الثبت ما ذكرنا اه‍. فإن صاحب المجمع من أهل المذهب المتأخرين، والحق ما ذكره العلامة الحلبي أن الفساد ليس بثابت في المذهب وإنما استنبطه بعض المشايخ في فرع نقله من الظهيرية والخلاصة وغيرهما أنه لو صافح المصلي إنسانا بنية السلام فسدت صلاته. ونقل الزاهدي بعد نقله عن حسام الأئمة المودني أنه قال: فعلى هذا تفسد أيضا إذا رد بالإشارة لأنه كالتسليم باليد. وكذا نكره البقالي وقال: عند أبي يوسف لا تفسد اه‍. ويدل لعدم كونه مفسدا ما ثبت في سنن أبي داود وصححه الترمذي عن ابن عمر قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى قباء فصلى فيه قال فجاءته الأنصار فسلموا عليه وهو يصلي فقلت لبلال: كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يرد السلام عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي؟ قال: يقول هكذا وبسط كفه وبسط جعفر بن عون كفه وجعل بطنه أسفل وجعل ظهره إلى فوق. وما عن صهيب: مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه فرد علي إشارة ولا أعلمه قال الإشارة بأصبعه. رواه أبو داود والترمذي وحسنه. فإن قلت: إنها تقضي عدم الكراهة وقد صرحوا كما في منية المصلي وغيرها بكراهة السلام على المصلي ورده بالإشارة أجاب العلامة الحلبي بأنها كراهة تنزيهة وفعله عليه السلام لها إنما كان تعليما للجواز فلا يوصف بالكراهة، وقد أطال رحمه الله الكلام هنا إطالة حسنة كما هو دأبه. وحينئذ فيحتاج إلى الفرق بين المصافحة والرد باليد وقد علل
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»
الفهرست