البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ١١٧
سأل أبا حنيفة عنها وما فعله عمر فقال: التراويح سنة مؤكدة. ولم يتخرجه عمر من تلقاء نفسه ولم يكن فيه مبتدعا ولم يأمر به إلا عن أصل لديه وعهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: ولا ينافيه قول القدوري أنها مستحبة كما فهمه في الهداية عنه لأنه إنما قال يستحب أن يجتمع الناس وهو يدل على أن الاجتماع مستحب، وليس فيه دلالة على أن التراويح مستحبة. كذا في العناية. وفي شرح منية المصلي: وحكى غير واحد الاجماع على سنيتها. وقد سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وندبنا إليها وأقامها في بعض الليالي ثم تركها خشية أن تكتب على أمته كما ثبت ذلك في الصحيحين وغيرهما، ثم وقعت المواظبة عليها في أثناء خلافة عمر رضي الله عنه ووافقه على ذلك عامة الصحابة رضي الله عنهم كما ورد ذلك في السنن، ثم ما زال الناس من ذلك الصدر إلى يومنا هذا على إقامتها من غير نكير وكيف لا وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ (1) كما رواه أبو داود.
وأطلقه فشمل الرجال والنساء كما صرح به في الخانية والظهيرية. وقوله عشرون ركعة بيان لكميتها وهو قول الجمهور لما في الموطأ عن يزيد بن رومان قال: كان الناس يقومون في زمن عمر بن الخطاب بثلاث وعشرين ركعة. وعليه عمل الناس شرقا وغربا لكن ذكر المحقق في فتح القدير ما حاصله أن الدليل يقتضي أن تكون السنة من العشرين ما فعله صلى الله عليه وسلم منها ثم تركه خشية أن تكتب علينا والباقي مستحب، وقد ثبت أن ذلك كان إحدى عشرة ركعة بالوتر كما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة، فإذن يكون المسنون على أصول مشايخنا ثمانية منها والمستحب اثنا عشر انتهى. وذكر العلامة الحلبي أن الحكمة في كونها عشرين أن السنن شرعت مكملات للواجبات وهي عشرون بالوتر فكانت التراويح كذلك لتقع المساواة بين المكمل والمكمل انتهى. وأراد بالعشرين أن تكون بعشر تسليمات كما هو المتوارث يسلم على رأس كل ركعتين، فلو صلى الإمام أربعا بتسليمة ولم يقعد في الثانية
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست