البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٦٣١
يحفظها وهو المسمى بالامي، فهو عندنا من لا يحسن القراءة المفروضة، وعند الشافعي من لا يحسن الفاتحة. وإنما فسد لأن القارئ أقوى حالا منه لأنه يصلي مع عدم ركنها للضرورة ولا ضرورة في حق المقتدي، وسيأتي أن صلاة الأمي الإمام تفسد أيضا عند أبي حنيفة. وعلم منه أنه لا يجوز اقتداء القارئ بالأخرس بالأولى، وأشار إلى أنه لا يجوز اقتداء الأمي بالأخرس لأن الأمي أقوى حالا منه لقدرته على التحريمة وإلى جواز اقتداء الأخرس بالامي. قوله:
(ومكتس بعار) لأن صلاة العاري جائزة مع فقد الشرط للضرورة ولا ضرورة في حق المقتدي. وفي السراج الوهاج: لو قال ولا مستور العورة خلف العاري لكان أولى لامن ستر عورته بالسروال أو نحوه لا يسمى مكتسيا في العرف، وتصح صلاة المكتسي خلفه لأنه مستور العورة اه‍. لكن اختلفوا في السراويل هل يكون كسوة شرعا في كفارة اليمين، وصحح صاحب الخلاصة أنه لا يجوز للرجل ولا للمرأة أي لا يكون كسوة قيد بالمكتسي لأنه لو أم العاري عراة ولابسين فصلاة الإمام ومن هو مثله جائزة بلا خلاف، وكذا صاحب الجرح السائل بمثله وبصحيح بخلاف الأمي إذا أم أميا وقارئا فإن صلاة الكل فاسدة عند أبي حنيفة لأن الأمي يمكن أن يجعل صلاته بقراءة إذا اقتدى بقارئ لأن قراءة الإمام له قراءة وليست طهارة الإمام وسترته طهارة وسترة للمأموم حكما فافترقا. قوله: (وغير موم بموم) أي فسد اقتداء من يقدر على الركوع والسجود بمن لا يقدر عليهما للعذر لقوة حال المقتدي، قيد به لأن اقتداء المومي بالمومي صحيح للماثلة كما سيأتي.
قوله: (ومفترض بمتنفل وبمفترض آخر) أي وفسد اقتداء المفترض بإمام متنفل أو بإمام يصلي فرضا غير فرض المقتدي لأن الاقتداء بناء ووصف الفرضية معدوم في حق الإمام في الأولى وهو مشاركة وموافقة، فلا بد من الاتحاد وهو معدوم في الثانية، والذي صح عند أئمتنا وترجح أن معاذ بن جبل كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم نفلا وبقومه فرضا لقوله حين شكوا تطويله بهم: يا معاذ إما أن تصلي معي وإما أن تخفف على قومك كما رواه الإمام أحمد.
فشرع له أحد الامرين الصلاة معه ولا يصلي بقومه أو الصلاة بقومه على وجه التخفيف ولا يصلي معه. هذا حقيقة اللفظ أفاد منعه من الإمامة إذا صلى معه عليه السلام ولا تمتنع إمامته مطلقا بالاتفاق فعلم أنه منعه من الفرض. والحاصل أن اتحاد الصلاتين شرط لصحة الاقتداء وذلك بأن يمكنه الدخول في صلاته بنية صلاة الإمام فتكون صلاة الإمام متضمنة لصلاة
(٦٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 626 627 628 629 630 631 632 633 634 635 636 ... » »»
الفهرست