البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٦١٢
بالصديق في هذا الحكم ولعل مرادهم إنكار الخلافة إنكار استحقاقهما الخلافة فهو مخالف لاجماع الصحابة لا إنكار وجودها لهما. وعلل لعدم كفره في قوله لا كالأجسام بأنه ليس فيه إلا إطلاق لفظ الجسم عليه وهو موهم للنقص فرفعه بقوله لا كالأجسام فلم يبق إلا مجرد الاطلاق وذلك معصية تنهض سببا للعقاب لما قلنا من الايهام بخلاف ما لو قاله على التشبيه فإنه كافر، وقيل يكفر بمجرد الاطلاق أيضا وهو حسن بل هو أولى بالتكفير اه‍.
فالحاصل أنه يكفر في لفظين هو جسم كالأجسام هو جسم ويصير مبتدعا في الثالث هو جسم كالأجسام ثم قال: واعلم أن الحكم بكفر من ذكرنا من أهل الأهواء مع ما ثبت عن أبي حنيفة والشافعي من عدم تكفير أهل القبلة من المبتدعة كلهم محمله على أن ذلك المعتقد نفسه كفر، فالقائل به قائل بما هو كفر وإن لم يكفر بناء على كون قوله ذلك عن استفراغ وسعه مجتهدا في طلب الحق لكن جزمهم ببطلان الصلاة خلفه لا يصحح هذا الجمع اللهم إلا أن يراد بعدم الجواز خلفهم عدم الحل أي عدم حل أن يفعل وهو لا ينافي الصحة وإلا فهو مشكل - والله سبحانه أعلم - بخلاف مطلق اسم الجسم مع التشبيه فإنه يكفر لاختياره إطلاق ما هو موهم للنقص بعد علمه بذلك، ولو نفى التشبيه لم يبق منه إلا التساهل والاستخفاف بذلك اه‍. وهكذا استشكل هذه الفروع مع ما صح عن المجتهدين المحقق سعد التفتازاني في شرح العقائد وفيما أجاب به في فتح القدير نظر، لأن تعليله في الخلاصة فيمن أنكر الرؤية ونحوها بأنه كافر يرد هذا الحمل فالأولى ما ذكره هو في باب البغاة أن هذه الفروع المنقولة في الفتاوى من التكفير لم تنقل عن الفقهاء أي المجتهدين. وإنما المنقول عنهم عدم تكفير من كان من قبلتنا حتى لم يحكموا بتكفير الخوارج الذين يستحلون دماء المسلمين وأموالهم وسب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لكونه عن تأويل وشبهة ولا عبرة بغير المجتهدين اه‍. وذكر في المسايرة أن ظاهر قول الشافعي وأبي حنيفة أنه لا يكفر أحد منهم وإن روي عن أبي حنيفة أنه قال لجهم: أخرج عني يا كافر حملا على التشبيه، وهو مختار الرازي.
وذكر في شرحها للكمال بن أبي شريف أن عدم تكفيرهم هو المنقول عن جمهور المتكلمين
(٦١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 607 608 609 610 611 612 613 614 615 616 617 ... » »»
الفهرست