البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ١ - الصفحة ٦٠٦
يقوده. ويحمله عند أبي حنيفة لما عرف أنه لا عبرة بقدرة الغير. وحقق في فتح القدير أنه اتفاق، والخلاف في الجمعة الجماعة. وتسقط بعذر البرد الشديد والظلمة الشديدة، وذكر في السراج الوهاج أن منها المطر والريح في الليلة المظلمة، وأما في النهار فليست الريح عذرا، وكذا إذا كان يدافع الأخبثين أو أحدهما أو كان إذا خرج يخاف أن يحبسه غريمه في الدين أو كان يخاف الظلمة أو يريد سفرا وأقيمت الصلاة فيخشى أن تفوته القافلة، أو يكون قائما بمريض أو يخاف ضياع ماله، وكذا إذا حضر العشاء وأقيمت صلاة العشاء ونفسه تتوق إليه، وكذا إذا حضر الطعام في غير وقت العشاء ونفسه تتوق إليه اه‍. وفي فتح القدير:
وإذا فاتته لا يجب عليه الطلب في المساجد بلا خلاف بين أصحابنا، بل أن أتى مسجدا للجماعة آخر فحسن، وإن صلى في مسجد حيه منفردا فحسن. وذكر القدوري: يجمع بأهله ويصلي بهم يعني وينال ثواب الجماعة. وقال شمس الأئمة: الأولى في زماننا تتبعها. وسئل الحلواني عمن يجمع بأهله أحيانا هل ينال ثواب الجماعة أو لا؟ قال: لا ويكون بدعة ومكروها بلا عذر. واختلف في الأفضل من جماعة مسجد حيه وجماعة المسجد الجامع وإذا كان مسجدان يختار أقدمهما، فإن استويا فالأقرب، فإن صلوا في الأقرب وسمع إقامة غيره فإن كان دخل فيه لا يخرج وإلا فيذهب إليه. وهذا على الاطلاق تفريع على أفضلية الأقرب مطلقا على من فضل الجامع، فلو كان الرجل متفقها فمجلس أستاذه لدرسه أو مجلس العامة أفضل بالاتفاق اه‍. وأما حكمة مشروعيتها فقد ذكر في ذلك وجوه: أحدها قيام نظام الألفة بين المصلين ولهذه الحكمة شرعت المساجد في المحال لتحصيل التعاهد باللقاء في أوقات الصلوات بين الجيران. ثانيها دفع حصر النفس أن تشتغل بهذه العبادة وحدها. ثالثها تعلم الجاهل من العالم أفعال الصلاة وذكر بعضهم أنها ثابتة بالكتاب وهو قوله تعالى * (واركعوا مع الراكعين) * فهي بالكتاب والسنة. وأما فضائلها ففي السنة الصحيحة أن صلاة الجماعة تفضل صلاة المنفرد ببضع وعشرين درجة. وفي المضمرات: إنه مكتوب في التوراة صفة أمة محمد وجماعتهم وأنه بكل رجل في صفوفهم تزاد في صلاتهم صلاة يعني إذا كانوا ألف رجل يكتب لكل رجل ألف صلاة.
(٦٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 601 602 603 604 605 606 607 608 609 610 611 ... » »»
الفهرست